إدارة الدراسات الإسلامية
EN ع

الفريد في فن التجويد ج (1)

وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية
الدراسات الإسلامية
دار القرآن الكريم
 
 
 الجــــزء الأول
 
تأليف:الشيخ عبدالرؤوف محمد سالم
 
 
1426 هـ ـ 2005م
بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف بدار القرآن الكريم
 
 
منهجها ـ شروط الالتحاق بها ـ مدة الدراسة فيها تمكينا للنفوس المتعطشة إلى
القرآن الكريم من أن تنهل من فيضه، وتعيش في جوه، وتهتدي بهديه.
 
أنشأت وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية ( دار القرآن الكريم ) لتحفيظ كتاب الله الكريم وإتقان ترتيله وتجويده وتفسير آياته.
 
وقد فتحت الوزارة أبواب الدار لكل مقيم في هذا البلد المبارك دون التقيد بسن أو مؤهل سوى الإلمام بالقراءة والكتابة للمبصرين وإعفاء المكفوفين من هذا الشرط وقد لقى هذا المشروع العظيم تشجيعاً كبيرا من المسئولين وإقبالا منقطع النظير من جمهور المسلمين حتى أصبح للدار عدة فروع في أنحاء الكويت للرجال وللنساء وذلك للتيسير على الجميع.
 
وفي خلال ست سنوات يُكْمِل الطالبُ القرآن الكريم حفظا ويُتقنه أداءً ويستوعب معانيه فهماً
والدارسة في الدار على فترتين الأولى صباحية، والثانية مسائية لتمكين المشغولين بوظائفهم وأعمالهم في الصباح من الالتحاق بالدراسة في المساء.
 
ويقوم بالتدريس فيها أساتذة متخصصون.
وقد مضى من عمر الدار عشرة أعوام دراسية أسفرت نتائج الامتحان فيها عن رغبة صادقة من العاملين فيها.
ومما هو جدير بالتسجيل أنه كان لنجاح هذا المشروع صدى طيب وأثر محمود في نفوس كبار الزوار الذين وفدوا على الدار من الوزراء والوفود الإسلامية التي زارت البلاد في هذه الفترة، كما طلبت بعض الهيئات الإسلامية في الخارج صورة من الخطة ومنهج الدراسة في الدار ـ وذلك للعمل على تطبيق مثل هذا المشروع في أوطانهم.
وهذه تباشير العام الدراسي الجديد تشد العزم وتؤكد الثقة في إيمان هذه الأمة واستمساكها بدينها وتقديسها لكتاب ربها ويتجلى ذلك في كثرة المقبلين على تسجيل أسمائهم لينالوا شرف الانتظام في سلك الحفظة لكتاب الله العزيز.
 

  

مقدمة الكتاب
 
الحمد لله على نعمه وآلائه، والصلاة والسلام على خير أنبيائه وأصفيائه، سيدينا محمد المنزل عليه ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) وعلى آله وأصحابه، ومن اصطفاهم الله لحفظ كتابه.
وبعد.
فانه لما كان لابد للطلاب في دار القرآن الكريم من كتاب مستوف لأحكام التجويد جامع لشتاته يلتفون حوله ويرجعون إليه، وكانت المؤلفات العديدة في هذا الفن إما مطولة يتيه القارئ شعابها، وإما مختصرة اختصاراً لا يحقق المقصود منها ـ استخرنا الله تعالى واستعنا به في وضع هذا الكتاب الجامع لأحكام التجويد، وراعينا فيه أن يكون خاليا من الألغاز والتعقيد. وسطا بين الاختصار والإسـهاب، ملائما لمدارك الطلاب، مراعى فيه سهولة العبارة ووضوح الدلالة، وسميناه ـ ( الفريد في فن التجويد ) وجعلناه ثلاثة أجزاء، وهذا هو الجزء الأول منه وقد شمل الدراسة في السنتين الأولى والثانية.
واللهَ نسأل أن يذلل لنا الصعاب، ويهبنا في القول والعمل الرشاد والصواب، وأن ينفع به النفع العميم، ويجعله خالصا لوجهه الكريم آمين.
 
 
المؤلفون
عبدالرؤف محمد سالم
 
محمد منظور عبدالرازق
 محمد يونس عبدالحق
 
 
 
مقرر السنة الأولى
ويشتمل على الموضوعات الآتية:
التجويد: تعريفه. موضوعه. حكمه. فضله. واضعه. استمداده. ثمرته.
اللحن: تعريفه. أقسامه. تعريف كل قسم.
مراتب القراءة ثلاثة: تعريف كل مرتبة منها.
الاستعاذة: حكمها. موضعها. صيغتها. حالات الجهر بها والإسرار.
البسملة: حكمها. في أوائل السور وحكمها في غير الأوائل. أوجه الاستعاذة. والأوجه الجائزة بين كل سورتين.
النون الساكنة والتنوين: تعريفهما، وأحكامهما. وتعريف كل حكم مع الأمثلة.
تنبيهات حول الإدغام لبيان الناقص منه والكامل وسبب ذلك وحقيقة مخرج النون والتنوين. وبيان علة الإدغام وعلة الإظهار عند بعض حروف الإدغام إن وقعت النون مع حروف الإدغام في كلمة واحدة. وبيان مواضع السكت عند حفص.
حكم النون والميم المشددتين: مقدار غنهما، تعريف الغنة. المواضع التي تظهر فيها الغنة والتي لا تظهر. مراتب الغنة.
 
الميم الساكنة: تعريفها، أحكامها. 
بسم الله الرحمن الرحيم
التجويد
 
التجويد لغة التحسين. واصطلاحا إعطاء كل حرف حقه ومستحقه.
 
وحق الحرف صفاته الذاتية التي يتميز بها عن غيره.َ
وذلك كالجهر والشدة والاستعلاء والإطباق والغنة إلى غير ذلك من الصفات القائمة بذات الحرف.
ومستحقه صفاته العرضية كالإظهار والإدغام والاقلاب والإخفاء والتفخيم والترقيق وهكذا.
وموضوعه: القرآن. وقيل الحديث الشريف أيضا.
وحكمه: العلم به فرض كفاية، والعمل به فرض عين على كل مَن حفظ القرآن كله أو بعضه من مسلم أو مسلمة بلغ حد التكليف الشرعي.
وفضله: هو من أجَلّ العلوم لتعلقه بالقرآن الكريم.
وواضعه: الأئمة من القراء في ابتداء عصر التأليف وذلك عندما اختلط العرب بالعجم بعد الفتوحات الإسلامية ودخول التحريف على اللسان العربي بدخول العجم في الإسلام واحتياجهم لقراءة القرآن الكريم.
واستمداده: من القرآن ومن السنة: فمن القرآن قوله تعالى ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) أي جوده تجويدا وحسنه تحسينا.
ومن السنة قول الرسول r: ( اقرأوا القرآن بلحون العرب وإياكم ولحونَ أهل الفسق والكبائر فانه سيجيء أقوام من بعدي يُرجّعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبْهم وقلوبٌ من يعجبٌهم شأنهم ).
فقوله r: ( اقرءوا القرآن بلحون العرب ) أي بالطريقة التي كانوا يقرؤون بها والتي تعلموها منه r وأوصلوها إلينا عن طريق الثقات المحققين، وهي التي لا تَكلٌفَ فيها و لا تَصنع.
وقوله r: ( وإياكم ولحون أهل الفسق والكبائر ) أي احذروا يا معشر القراء من أن تكون لحونكم وقراءتكم كلحون أهل الفسق والكبائر وهم الذين يرجعون القرآن ترجيع الغناء فيقرأونه حسب النزوات ونغمات الأصوات من غير مراعاة لأحكام التجويد ولا تفكر في قول الله العزيز الحميد ( كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً ) وقوله r لا يجاوز حناجرهم أي لا يقبل ولا يرتفع إلى
الله U وقوله r مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم أي مصروفة عن طريق الحق بعيدة عن رحمة الله تعالى. نعوذ بالله من ذلك.
ومما لا شك فيه أن التجويد له فضل كبير في مساعدة القارئ على عدم الإخلال
بالمباني والمعاني، وأنه لابد منه لقارئ القرآن الكريم ورحم الله ابنَ الجزري حيث قال:
والأخذ بالتجويد حتمُ لازمُ                                من لم يجود القرآن آثمُ
لأنه به الإله أنزلا                                        وهكذا منه إلينا وصلا
وهو إعطاء الحروف حقها                               من صفة لها ومستحقها
مكملا من غير ما تكلف                                  باللطف في النطق بلا تعسف
وثمرته: صون اللسان عن اللحن في القرآن الكريم.
" اللحن "
اللحن: لغة الانحراف والميل، واصطلاحا الانحراف والميل عن الصواب في القراءة, وينقسم اللحن إلى قسمين ( جلي واضح وخفي مستتر ).
فالجلي: خطأ يطرأ على الألفاظ فيخل بالمعنى والإعراب كرفع المجرور ونصب المرفوع وهكذا.
 وسمي جليا واضحا لاشتراك كل من القراء وأهل اللغة في معرفته.
والخفي: خطأ يطرأ على الحروف فيخل بعرف الأداء الصحيح كقصر الممدود وإظهار المدغم وتفخيم المرقق وهكذا.
وسمى خفيا لاختصاص أهل الفن بمعرفته.
 
 
مراتب القراءة
 
مراتب القراءة ثلاثة وهي الترتيل، والحدر، والتدوير.
فالترتيل: هو القراءة بتؤدة وطمأنينة مع تدبر المعاني.
والحدر: هو الإسراع في القراءة مع مراعاة الأحكام ما أمكن.
والتدوير: هو مرتبة وسطى بين الترتيل والحدر، ولابد من مراعاة الأحكام في المراتب الثلاثة وان تفاوت مقدارها ووقتها بحسب تفاوت المراتب تؤدة وإسراعا وإلا كانت القراءة خارجة عن عرف الأداء الصحيح، وهناك مرتبة رابعة يقال لها التحقيق وهي أكثر اطمئنانا من الترتيل وهي التي يقرآ بها في مقام التعليم.
وأفضل المراتـب مرتبـة الترتيل، وذلك لنزول القرآن الكريم بها قال تعالى:
 } ورتلتاه ترتيلا {.
وبهذه المناسبة نذكر الأركان التي حددها العلماء للقراءة الصحيحة.
فقد قالوا إن أركان القراءة الصحيحة ثلاثة، وهي،
صحة السند.
وموافقة رسم المصحف العثماني ولو احتمالا.
وموافقة القراءة لوجه من أوجه النحو ولو ضعيفا.
وأهم الأركان الثلاثة من صحة السند. فإذا تحقق هذا الشرط تحقق معه الشرطان الآخران.
 
 ومعنى صحة السند أن يكون القارئ قد قرآ على شيخ متقن اتصل سنده بالنبي .
        فإن اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة المذكورة حكم على القراءة بأنها شاذة.
 
وفي المعنى قال ابن الجزري رحمه الله:
فكلُ ما وافق وجهَ نحوِ                                 وكان للرسم احتمالا يَحوِى
وصح إسنادا هو القرآنُ                              فهذه الثلاثةُ الأركانُ
وحيثما يختلُ ركنٌ أثبتِ                         شُذوذَه لو أنه في السبعةِ 
 
الاستعاذة
 
حكمها، موضعها، حالات الجهر بها والإسرار.
أما حكمها: فهي مستحبة وقيل واجبة.
 ورحم الله ابنَ الجزري حيث قال:
............... واستحبْ                                    تعوذٌ وقال بعضهم يجبْ.
وأما موضعها: فهو عند البدء بالقراءة قال الله تعالى:
" فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم " أي إذا أردت أن تقرآ القرآن.
وأما صيغتها فهي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. لأنه أقرب مطابقة للآية الكريمة المتقدمة.
وهناك صيغ أخرى منها ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ) أي بالزيادة. ومنها.
( أعوذ بالله من الشيطان ) أي بالنقصان.
وأما حالات الجهر بها والإسرار فأربعة: فيجهر بها في حالتين ـ في المحافل ومجالس التعليم.
 
ويسر بها في حالتين ـ في الصلاة وفي حالة الانفراد.

 


البسملة
حكمها في أوائل السور، وحكمها في غير الأوائل.
فحكمها في أوائل السور الوجوب الصناعي وذلك لثبوتها في المصحف مع أول كل سورة باستثناء سورة براءة فلا بسملة في أولها.
وقولنا الوجوب الصناعي لإخراج الوجوب الفقهي الذي محله كتب الفقه، والفرق بينهما أن ترك الواجب الصناعي لا يترتب عليه نقص ولا خلل، وأما ترك الواجب الفقهي فانه يترتب عليه خلل ونقص في الموضوع.
وحكمها في غير الأوائل الجواز إلا سورة براءة على ما يبدو من كلام العلماء.
ورحم الله ابنَ الجزري حيث قال:
.............................                           وفي ابتِدا السورة كلٌ بسملا
سوى براءة فلا ولَو وُصِلْ                             ووسطا خيّر وفيها يحَتمِل

 
أوجه الاستعاذة )
الأوجه الجائزة عند ابتداء القراءة أربعة وهي قطع الجميع، ووصل الجميع، وقطع الأول فقط مع وصل الثاني، ووصل الأول فقط مع الوقف على الثاني.
فقطع الجميع: أي الاستعاذة عن البسملة والبسملة عن أول السورة.
ووصل الجميع: أي الاستعاذة بالبسملة بأول السورة.
وقطع الأول فقط: أي الاستعاذة عن البسملة مع وصل البسملة بأول السورة.
 
ووصل الأول فقط: أي الاستعاذة بالبسملة مع الوقف عليها.

 


 الأوجه الجائزة بين كل سورتين

الأوجه الجائزة بين كل سورتين ثلاثة وهي وصل الجميع، و قطع الجميع، وقطع الأول فقط.
فوصل الجميع: أي آخر السورة بالبسملة بأول السورة.
وقطع الجميع: أي آخر السورة عن البسملة عن أول السورة.
وقطع الأول فقط: أي آخر السورة عن البسملة مع وصل البسملة بأول السورة.
وهذه الأوجه الثلاثة تجوز بين كل سورتين سوى بين الأنفال وبراءة.
أما بين الأنفال وبراءة فهي وان كانت ثلاثة أيضا إلا أنها تختلف عن سابقتها وبيانها كالآتي:
وصل آخر الأنفال ببراءة.
والسكت بينهما.
والقطع بينهما ـ لكن من غير بسملة مع الثلاثة.
وعلل لذلك بأن البسملة توحي بالأمان وبراءة نزلت ولا أمان معها حيث كان المشركون قد عزموا على نقض العهد المبرم بينهم وبين المسلمين، فنزلت السورة بدون بسملة للإعلام بذلك ولبيان ما يجب على المسلمين نحو المشركين الناقضين للعهد ولبيان ما يجب على المسلمين نحو المشركين الناقضين للعهد وغير الناقضين له كما بينت الآيات من قوله تعالى.
( بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ................ )

النون الساكنة والتنوين
تعريفهما، أحكامهما، تعريف كل حكم:
فالنون الساكنة: هي الخالية من الحركة.
وتوجد في الأسماء والأفعال والحروف وفي الوسط وفي الطرف.
وهي ثابتة خطا ولفظا ووصلا ووقفا.
والتنوين: هو نون ساكنة زائدة تلحق آخر الاسم في اللفظ دون الخط وفي الوصل دون الوقف.
وضابطه هو وجود الضمتين أو الفتحتين أو الكسرتين على الحرف الأخير من الأسماء.
ولا يلبس علينا وجود ميم الإقلاب مع أحد الحركات الثلاثة لأنها بمنزلة حركة التنوين.
وأحكامهما: أربعة: الإظهار، والإدغام، والإقلاب، والإخفاء.
فالإظهار: معناه لغة البيان والوضوح، واصطلاحا إخراج الحرف المظهر من مخرجه من غير غنة معه.
وحروفه ستة هي الهمزة والهاء، والعين والحاء، والغين والخاء.
وتسمى حروفا حلقية لخروجها من الحلق.
فإن وقع حرف منها بعد النون أو التنوين وجب الإظهار سواء أكان وقوعها بعد النون من كلمة أم من كلمتين.
وقال الشيخ الجمزوري رحمة الله:
لِلنون إن تسكن وللتنوينِ                               أربعُ أحكام فخذ تَبييني
فالأولُ الإظهارُ قبلَ أحرفِ                              للحلق ستٌ رُتّبت فلتُعرَفِ
همزٌ فهاءٌ ثم عينٌ حاءُ                                 مهملتان ثم غينٌ خاءُ
وأمثلة ذلك:
النون مع حروف
الإظهار مع كلمة
النون مع حروف
الإظهار من كلمتين
التنوين مع
حروف الإظهار
ينأون
مَن آمن
عين آنية
ينهون
مِن هاد
فريقا هَدى
أنعمت
مِن علم
في جنة عالية
ينحتون
مِن حسنة
عليم حكيم
فسينغضون
مِن غل
عزيز غفور
المنخنقة
مِن خير
يومئذ خاشعة
 
 ووجه الإظهار هو بعد مخرج النون والتنوين من مخرج حروف الحلق لأن النون والتنوين من طرف اللسان وبينه وبين الحلق بُعْد.
والإدغام: معناه لغة إدخال الشيء في الشيء: واصطلاحا النطق حرفا واحد مشددا كالثاني:
وحروفه ستة: هي الياء والراء والميم واللام والواو والنون: يجمعها كلمة ( يرملون ) فان وقع حرف منها بعد النون أو التنوين وجب الإدغام ثم هو ينقسم إلي قسمين:
إدغام بغنة: وله أربعة أحرف وهي الياء والنون والميم والواو، ويجمعها كلمة ( ينمو ) فان وقع حرف منها بعد النون أو التنوين وجب الإدغام مع الغنة([1] ).
لكن بشرط أن تكون النون مع هذه الأحرف من كلمتين فان كانت معها في كلمة واحدة وجب الإظهار ويسمى إظهارا مطلقا.
وقد وقع من ذلك في القرآن الكريم أربع كلمات هي: ( الدنيا وبنيان وقنوان وصنوان ) فهذه الكلمات الأربعة يجب فيها إظهار النون ويسمى إظهار مطلقا وذلك لعدم تقييده بحلق أو شفة.
وإدغام بغير غنة: وله حرفان ـ اللام والراء.
فان وقع حرف منهما بعد النون أو التنوين وجب الإدغام بغير غنة.
قال الشيخ الجمزوري رحمة الله:
والثان إدغامٌ بستةٍ أتتْ                                         في يرمُلون عندهم قد ثبتتْ
لكنها قسمان قسم يُدغَما                                فيه بغنة بِينمو عُلِما
إلا إذا كانا بكِلْمة فلا                                    تُدغَم كدنيا ثُم صنوانٌ تلا
 
والثان إدغامٌ بغير غُنّةْ                                 في اللام والرَا ثُم كَررنَّ


 

وهذه هي الأمثلة:
 
النون مع حروف الإدغام بغنة
النون مع حروف الإدغام بغير غنة
التنوين مع حروف الإدغام بغنة
التنوين مع حروف الإدغام بغير غنة
أن يضرب
أن لم
خيراً يره
مالا لٌبدا
فمَن نكث
 
يومئذٍ ناعمة
 
مِن مشهد
من رحيق
سررٌ مرفوعة
غفور رحيم
مِن ولى
 
سِنة ولا نوم
 
 
 
ووجه الإدغام: هو التماثل أو التقارب أو التجانس في المخرج وقد يكون في الصفة دون المخرج فالتماثل موجود في النون، والتجانس في الصفة موجود في الميم وذلك لاشتراكهما في الغنة بل وفي كل الصفات.
 ويوجد التجانس في الصفة في الواو والياء أيضا وذلك لاشتراكهما مع النون في كثير من الصفات على ما سيأتي في باب الصفات، وقيل إن الواو تحمل على الميم لاشتراكها معها في المخرج فكما أدغمت النون في الميم فإنها تدغم أيضا في الواو.
أما التقارب فهو في اللام وفي الراء وذلك لقربهما من النون في المخرج.
ويوجد التقارب أيضا في الياء على رأي من يقول ـ إن وسط اللسان مع طرفه متقاربان.
تنبيهات:
الأول: الإدغام بغنة في الواو وفي الياء يسمى إدغاما ناقصا وذلك لذهاب الحرف المُدغم وهو النون أو التنوين وبقاءِ صفته وهي الغنة ـ لأن النون والتنوين حرف مركب من مخرجين هما اللسان والخيشوم فمن طرف اللسان تخرج ذات النون ومن الخيشوم تخرج صفة وهي الغنة إذ أن الغنة صفة قائمة بالنون والميم لا تفارقها أبدا ـ والخيشوم اسم للنافذة التي بين الفم والأنف، والإدغام في الميم وفي النون يحتمل أن يكون ناقصا أيضا ويحتمل أن يكون كاملا، فإن اعتبرنا أن الغنة للمُدغم كان الإدغام ناقصا وإن اعتبرنا أنها للمُدغم فيه كان الإدغام كاملاً.
الثاني: الإدغام بغير غنة يسمى إدغاماً كاملاً، وذلك لذهاب الحرف المدغم مع صفته.
الثالث: يكون الإدغام كامل التشديد في أربعة أحرف وهي اللام والراء باتفاق والميم والنون على أقوى هذه الأحرف الأربعة في المصاحف بوضع شدة عليها وهذا هو ما جرى عليه العمل عند علماء الضبط المحققين ـ ويكون ناقص التشديد في حرفين أثنين هما الواو والياء وعليه فيكون ضبطهما بتعريفهما من علامة التشديد.
الرابع: علة الإدغام هي التخفيف في النطق ـ وللمبالغة في التخفيف كان الإدغام بغير غنة.
الخامس: علة الإظهار في الكلمات الأربعة المتقدم ذكرها وهي ( الدنيا وبنيان وقنوان وصنوان ) هي المحافظة على مدلولها ومعناها: إذ لو أدغمت لالتبس اللفظ بالمضعف وهو ما تكرر أحد أصوله أي أحد الحروف الأصلية لكلمته وعلى هذا يلتبس المعنى المراد فلا يعلم ما إذا كان الحرف المُدغم من جنس المدغم فيه أم من غير جنسه أي لا يعرف هل المدغم نون أم حرف مكرر.
السادس: يجب إظهار النون عند الواو بعدها من قوله تعالى } يس{1} وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ{2} { ومن قوله تعالى:  }ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ {.
السابع: ورد السكت لحفص في أربعة مواضع.
أولها: (عِوَجَا قَيِّماً) في الكهف، فيسكت على الألف المبدلة من التنوين في (عِوَجَا) عند وصلها بما بعدها.
ثانيها: ( مِن مَّرْقَدِنَا ) بيسّ فيسكت على ألف ( مَّرْقَدِنَا ) عند وصلها بما بعدها.
ثالثها: ( مَنْ رَاقٍ ) بالقيامة فيسكت على نون ( مَنْ ) عند وصلها بما بعدها.
رابعها: ( بَلْ رَانَ ) في سورة المطففين فيسكت على لام ( بَلْ ) عند وصلها بما بعدها. انتهت التنبيهات.
والإقلاب: معناه لغة تحويل الشيء عن وجهه إلى وجه آخر. واصطلاحا جعل حرف مكان آخر في النطق وله حرف واحد هو الباء. فإن وقعت أي الباء بعد النون الساكنة أو التنوين وجب قبلهما ميماً ساكنة مع مراعاة الغنة والإخفاء فيها، وسواء أكانت النون الساكنة مع حرف الإقلاب في كلمة أم في كلمتين.
ووجه الإقلاب[2]).: هو ثقل الإظهار وثقل الإدغام لأن إظهار النون الساكنة والتنوين مع الغنة عند ملاقاتهما للباء فيه مشقة وكلفة على اللسان وفي إدغامهما مشقة وكلفة أكثر، وذلك لما بين النون والتنوين وبين الباء من اختلاف في المخرج فتعين الإخفاء الذي هو مرتبة وسطى بين الإظهار والإدغام. ولماّ لم يكن الإخفاء فيه ثقل أيضا(
فقد توصل إليه بالقلب ميماً وذلك للتناسب الموجود بين النون والميم من ناحية وبين الميم والباء من ناحية أخرى لأن الميم لها اشتراك مع النون في الصفات ولها اشتراك مع الباء في المخرج فلهذا حسن مجيئها بدلاً من النون للخصوصية التي لا توجد لغيرها من بقية الحروف.
قال الشيخ الجمزوري رحمة الله:
................................                                ميما بِغُنة مع الإخفاءِ
وهذه هي الأمثلة:
النون مع حرف
الإقلاب في كلمة
النون مع حرف
الإقلاب في كلمتين
التنوين مع حرف
الإقلاب
ينبوعاً
أن بورك
سميع بصير
 
 
والإخفاء: معناه لغة الستر، واصطلاحاً النطق بحرف بصفة بين الإظهار والإدغام عاربا عن التشديد مع بقاء الغنة فيه، وحروفه خمسةَ عشر حرفاَ وهي الباقية من حروف الهجاء، بعد حروف الإظهار وحروفِ الإدغام وحرفِ الإقلاب وهي الصاد والذال والثاء والكاف والجيم والشين والقاف والسين والدال والطاء والزاى والفاء والتاء والضاد والظاء، وقد أشار إليها الشيخ الجمزاوي في أوائل كلمات البيت الآتي فقال:
صِف ذا ثنا كَم جاد شَخص قد سما                      دُم طَيّبا زِد في تُقًى ضَع ظالما
ووجه الإخفاء: هو أن النون والتنوين لم يقرب مخرجهما من مخرج الحروف المذكورة فيدغما، ولم يبعد مخرجهما من مخرجها فيظهرا فكان الإخفاء.
هذا هو ما قاله العلماء من تعليل للإخفاء.
وهذه هي الأمثلة:
النون مع حروف
الإخفاء في كلمة
النون مع حروف
الإخفاء في كلمتين
فانصرنا
أنداداً
مِن صيام
مِن دابة
أأنذرتهم
فانطلَقوا
مِن ذكر
مِن طين
منثورا
يُنَزفون
مِن ثمرة
فإِن زللتم
ينكثون
وفي أنفسكم
مِن كأس
ومَن في الأرض
أنحيناكم
أأنتم
مِن جنات
وإن تبتم
أنشأ
منضودا
مِن شيء
إن ضللتم
أنقض
انظروا
ولئن قوتلوا
مِن ظهير
فلا تنسى
 
أن سيكون
 
التنوين مع حروف الإخفاء
قاعاً صفصفا
 
كلُّ نفس ذائقة الموت
قنوانٌ دانية
ماءً ثجاجا
قوما طاغين
يوما كان
يومئذ زرقا
صبرا جميلا
خالدا فيها
غفورٌ شكور
جنات تجري
عليماً قديرا
قوما ضالين
قولا سديداً
ظلاّ ظليلا
 


 

قال الشيخ الجمزاوي رحمة الله:
والرابعُ الإخفاءُ عِندَ الفاضلِ                    مِن الحروف واجبٌ لِلفاضلِ
في خمسة مِن بعد عشْر رمزُها                         في كِلْم هذا البيت قد ضمنتتُها
صِف ذا ثناكَم جاد شخص قد سما              في كِلْم هذا البيت قد ضمنتُها
صٍف ذا ثناكَم جاد شَخص قد سما              دُم طَيّبا زِد في تُقًى ضَع ظالماً
حكم النون والميم المشددتين
الميمُ والنون المشددتان حكمهما وجوب الغنة ومقدارها حركتان.
وقد حدد العلماء الحركة بقبض الإصبع أو بسطه، ويعرف ذلك بالتوقيف أي التعليم من الشيوخ ويسمى كل منهما حرف غنة أو حرفاً أغن.
قال الشيخ الجمزوري رحمة الله:
وغن ميما ثم نونا شُدّدا                               وسمّ كلاًّ حرف غنة بدا
وهذه هي الأمثلة:
مثال النون المشددة
مثال الميم المشددة
من الجنة والناس
فأمَّا
 
 
والغنة صوت رخيم لذيذ يخرج من الخيشوم، وهي صفة ملازمة للميم والنون للميم والنون لا تفارقهما أبدا.
 وبالاستقراء والتتبع وجد أن النون والميم لا يخرجان عن واحد من الأنواع الخمسة الآتية.
فهما إما مشددتين أو ساكنتين مدغمتين أو ساكنتين مخفاتين أو ساكنتين مظهرتين أو متحركتين.
 
وإنما تَظهر الغنة في الحالات الثلاثة الأولى فقط دون حالتي الإظهار والتحريك.


 

مراتب الغنة ثلاثة "
فهي في المشدد أظهرُ منها في المدغم وفي المدغم أظهرُ منها في المخفي.
الميم الساكنة
( تعريفها وأحكامها )
فالميم الساكنة هي الخالية من الحركة.
وأحكامها ثلاثة " الإخفاء، والإدغام ، والإظهار، وقد تقدم تعريف كل من الثلاثة لغة واصطلاحا عند ذكر أحكام النون الساكنة والتنوين.
 فالإخفاء يكون عند حرف واحد هو الباء مع بقاء الغنة نحو " ومن يِعتصم بالله " ويسمى إخفاء شفوياً نسبة لخروج الميم من الشفة.
والإدغام يكون في حرف واحد وهو الميم مع بقاء الغنة أيضا نحو " لكم ما كسبتم " ويسمى إدغامَ مثلين صغيراً.
        والإظهارـ يكون عند الباقي من أحرف الهجاء وهو ستة وعشرون حرفا، نحو " يمحو" " ولهم فيها " ويسمي إظهاراً شفوياً نسبة لخروج الميم من الشَّفة. 
 
وقد نبه العلماء على أنه ينبغي على القارئ أن يكون يقظاً في حالة وقوع حرف الواو أو الفاء بعد الميم الساكنة مخافة اختفائها عندهما كاختفائها عند الباء حيث المصوغ موجود وهو التجانس مع الواو والتقارب مع الفاء ولكن العبرة بالنص وليست بالقياس.  


 

قال صاحب التحفة رحمة الله:
والميمُ إن تَسكن تَجى قبل الهِجا                 لا ألفٍ لَيَّنة لذِى الحِجا
أحكامُها ثلاثةٌ لِمن ضَبط                         إخفاءٌ إدغامُ وإظهارٌ فقطْ
فالأولُ الاخفاءُ عِند الباءِ                         وسمَّ الشَّفويَّ للقراءِ
والثان إدغامٌ بمثلها أتى                          وسمّه إدغاماً صغيراً يا فتى
والثالثُ الإظهار في البقيةْ                        من أحرفٍ وسمها شفْويهْ
واحذر لدى واوٍ وَفَا أن تختفى                   لقٌربهاَ والاِتحاد فاعرفِ
وفيما يلي أمثلة للإظهار الشفوي
الميم مع حروف
 الإظهار من كلمة
أمْتا
أمثالكم
يمددكم
أمرهم
تُمْشُون
فامشوا
فامضوا
فأمطَرنا
يمكرون
أمْلي
الميم مع حروف
الإظهار من كلمتين
لكم تذكرة
ويدخلكم جنات
وفي أموالهم حق
أولئك همْ خير
وأنتم داخرون
واتَّبعتهم ذريتُهم
لقد جاءكم رسول
منهم زَهرة
هم سالمون
ثم لم يَنقصوكم
 
إلى هنا تم مقرر السنة الأولى ويليه مقرر السنة الثانية.
 
 
مقرر السنة الثانية
ويشتمل على الموضوعات الآتية:
لام ال      : تعريفها، أقسامها، حكمها.
لام الفـعل : تعريفها، حكمها.
لام الحرف : تعريفها، حكمها.
لام الاسـم : تعريفها، حكمها.
لام الأمـر : تعريفها، حكمها.
المد والقصر: تعريفهما، أقسام المد، تعريف كل قسم، أقسام المد الفرعي ـ تعريف كل قسم
أقسام المد اللازم تعريف كل قسم ـ أحكام الممدود بأنواعها.
تنبيهات حول مراتب المد لمعرفة القوى من الضعف وما يترتب على ذلك.علة المد والأثر الوارد في ثبوته. حكم الروم والإشمام تعريفهما. الحركات التي يجوز فيها الروم والإشمام والمقصود من كل منهما الأوجه التي تجوز عند الوقف على المد العارض للسكون. واللين العارض للسكون. والمتصل المتطرف همزه. واللازم. والعارض. للسكون. حكم المنون المنصوب، حكم نون التوكيد الخفيفة، حكم نون إذا.
 


 

بسم الله الرحمن الرحيم
لام ال ولام الفعل ولام الحرف
أما ال فهي التي للتعرف وهي حرف زائد، وتدخل على الاسم.
وهي قسمان: قسم يمكن الاستغناء عنه أي يمكن تجريد الكلمة منه، وقسم لا يمكن الاستغناء عنه لتنزيله منزلة الجزء من الكلمة كال في الأسماء الموصلة نحو الذي، والتي واللذان، وآلاتي وكأل في الظرف نحو الآن. والكلام على ما يمكن الاستغناء عنه.
وحكمها فيه وجوب الإظهار عند أربعة عشر حرفاً مجموعة في هذه العبارة "ابغ حَجَّكَ وخَفْ عقيمَه".
ووجوب الإدغام في أربعة عشر حرفاً تؤخذ من أوائل كلمات البيت الآتي:
طِبْ ثُم صِلْ رَحمْا تَفز ضِف ذا نِعمْ               دَع سوء ظن زُر شريفاً لِلكرمْ.
هذا وتسمى اللام المظهرة لاما قمرية تشبيها لها باللام المظهرة في لفظ القمر أو تشبيها للأحرف المظهر عندها بالقمر واللام بالنجوم بجامع الظهور في كل فكما أن النجوم تظهر مع القمر فكذلك اللام تظهر مع حروف ـ اْبغ حجك وخف عقيمه.
ويسمى الإظهار إظهارا قمريا وذلك للفرق بين الإظهار الحلقي والشفوي والمطلق.
وتسمى اللام المدغمة لاما شمسية تشبيها لها باللام المدغمة في لفظ الشمس أو تشبيها للأحرف المدغم فيها بالشمس واللام بالنجوم بجامع عدم الظهور في كل -  فكما أن النجوم لا تظهر مع الشمس فكذلك اللام لا تظهر مع حروف ـ
طب ثم صل الخ.
 
ويسمى الإدغام إدغاماً شمسياً وذلك للفرق بين الإدغام بغنة وبغير غنة والصغير.


 

قال الشيخ الجمزوري رحمة الله ـ
لِلام أل حالان قبلَ الأحرفِ                              أْولاهما اظهارُها فلتٌعرَفِ 
قَبلَ أْربعٍ معْ عشرة خُذ عِلمَهُ                           مِنِ ( اْبغِ حَجَّكَ وَخَفْ عقيمَهُ )
ثانيهما إدغامُها في أربِع                                وعشْرة أيضَا ورمزَها فعِ
طِب ثُم صِلْ تَفُز ضِف ذا نِعمْ                           دَع سوء ظن زُر شريفاً للكرمْ
واللام الأُولى سمَّها قمْريَهْ                              واللام الأخرى سمّها شَمسيهْ
وهذه هي الأمثلة:
أمثلة لام ال
" القمرية "
أمثلة لام ال
" الشمسية "
الأبرار
البينة
الغنى
الحاسبين
الجنة
الكاظمين
الولىّ
الخالق
الفضل
العلم
القادر
الياقوت
والمرجان
الهوى
الطيبون
الثواب
الصلاة
الرءوف
التواب
الضلالة
الذاكرين
النور
الدين
السكينة
الظالمين
الزجَاجة
الشهادة
اللاعبين
وأما لام الفعل: فهي التي تقع في الفعل ـ
وحكمها: وجوب الإظهار ماضياً كان الفعل أو مضارعاً أمر أمراً. فالماضي نحو فالتقطه، والمضارع نحو يلتقطْه، والأمر نحو قل تعالوا.
 وهذا إذا لم يقع بعدها لام أو راء فان و قع بعدها لام أو راء وجب الإدغام قراءة ولغة نحو
( فل تقل لهما أفَ ) ونحو ( وقل رب )
مهمة. لو قيل لِمَ لَم تدغم لام الفعل في النون كما أدغمت في الراء مع أن الصلة بين اللام و النون وبين اللام والراء مع أن الصلة بين اللام والنون وبين اللام والراء واحدة من حيث التقارب أو التجانس.
فالجواب هو أن النون لا يدغم فيها حرف أدغمت هي فيه.
وإذا قيل إن هذا مردود بإدغام لام ال في نحو الناس والنار قراءة ولغة باتفاق ـ
فالجواب عن ذلك بأن كثرة وقوع هذا النوع في القرآن الكريم وفي اللغة سوغ الإدغام بخلاف الفعل فلم يكثر وقوعه وهذا تعليل للوارد وليس سببا ولا حجة على الإظهار ولا على الإدغام وإنما السبب والحجة هو السماع والنقل.
وقد قال الشيخ الجمزوري رحمة الله.
 وأظهرنّ لام فعل مطلقا ... في نحو نعم وقلنا والتقى ولام الحرف هي الواقعة في هل وبل فان وقع بعدها لام أو راء فحكمها وجوب الإدغام للجميع إلا كلمة ( بل ران ) فبالإظهار لحفص وحده وذلك من أجل السكت وإن وقع بعدها حرف آخر غير اللام والراء فيكون الحكم الإظهار لحفص والتفصيل لغيره لكن محل هذا التفضيل هو كتب القراءات فليعلم، وكما أن اللام الساكنة تقع في الفعل وفي الحرف فكذلك تقع في الاسم نحو ( سلطاناً وسلسبيلاً وألسنتكم وأَلوانكم ) وحكمها الإظهار مطلقا ومثلها في الحكم لام الأمر نحو ـ فلْتقم، ولتأت ـ والله أعلم.
المد والقصر
المدُ: لغة الزيادة قال تعالى } ويمددكم بأموال وبنين { أي يزدكم.
 واصطلاحاً إطالة زمن الصوت بحرف المد، وضده القصر.
والقصر لغة: الحبس والمنع قال تعالى: } حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ { أي محبوسات فيها.
واصطلاحاً قصر زمن الصوت على المد الأصلي الطبيعي ومقداره حركتان.
وحروف المد ثلاثة الواو الساكنة المضموم ما قبلها والياء الساكنة المكسور ما قبلها والألف وليس لها إلا حالة واحدة وهي سكونها وفتح ما قبلها بخلاف الواو والياء فلهما ثلاث حالات.
حرفا مد ولين وقد تقدم تعريفهما.
وحرفا لين فقط وذلك إذا سكنتا وانفتح ما قبلهما.
وليستا بمد ولا لين وذلك إذا تحركتـا بأي حركة ـ  فمثـال حروف المـد واللين بشروطها
( نُوحِيهَا ) من قول الله تعالى ( تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ) ومثال حرفي اللين بشروطهما
( بيت وخوف ) من قوله تعالي: ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ). وشرطهما هو سكونهما وفتح ما قبلهما.
ومثال ما ليس بمد ولا لين ( وَيَعْلَمُ ) من قوله تعالي: ( وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا )  وينقسم المد إلى قسمين
أصلي وفرعي: فالأصلي هو الطبيعي الذي لا تقوم ذات حرف المد إلا به، ولا يتوقف على سبب من همز أو سكون.
وذلك نحو قال. يقول. قيل. ويمد حركتين ـ والحركة كما عرفها علماء التجويد مقدار قبض الإصبع أو بسطه.
والفرعي هو المد الزائد عن الطبيعي لسبب لفظي أو معنوي.
فاللفظي: هو الهمز أو السكون.
والمعنوي: هو قصد المبالغة في التعظيم أو قصد المبالغة في النفي.
فقصد المبالغة في التعظيم هو كمد لا إله إلا الله حال القراء بقصر المنفصل.
وقصد المبالغة في النفي هو كمد النافية للجنس من نحو ( لاَ رَيْبَ فِيهِ ) عند من قرأ بمدها ومحل الكلام على المد المعنوي مفصلا هو كتب القراءات وكلامنا هنا مقصور على السبب اللفظي فان وقع بعد حرف المد همز فإما أن يكون متصلاً به أو منفصلاً عنه.
فالمتصل: نحو "جاء وأولئك" ويسمى متصلا لاتصال الهمز بحرف المد في كلمة واحدة.
والمنفصل نحو " يأيها، هاأنتم، وما يضل به إلا الفاسقين " ويسمى منفصلاً لانفصال الهمز عن حرف المد واقع آخر الكلمة الأولى والهمز واقع أول الكلمة الثانية.
وان وقع الهمز قبل حرف المد نحو ءامنو، إيمانا، أوتوا سمي بدلا وذلك لا بدال حرف المد من همز في أكثر الكلمات والأصل ءأمنوا إئمانا أؤتوا.
وقولنا في أكثر الكلمات لا خراج مثل قل أي وربي بسورة يونس ومثل وجاءو على قميصه بسورة يوسف وهكذا لأن حرف المد في مثل هذه الكلمات أصلي وليس مبدلا من همز فالتسمية بالبدل للتغليب فليعلم وإن وقع بعد حرف المد سكون فأما أن يكون لازما أي ثابتا وصلا ووقفا نحو الحاقة على ما سيأتي تفصيله بعد ـ أو عارضا أي ثابتاً في حالة الوقف فقط.
وذلك نحو الرحيم، نستعين، البيت، خوف، حال الوقف عليها.  
وسمى اللازم لازما للزوم سببه وهو السكون.
وسمى العارض عارضا لعروض سببه وهو السكون.
قال صاحب التحفة رحمة الله ـ
والمد أصلىٌ لَهُ                                          وسَمٌ أولا طبيعّيا وهُو
ما لا توقفٌ له على سببْ                                ولا بدونه الحروفُ تُجلبْ
بلْ أيُّ حرف غيرِ همز أو سكونْ                       جا بعد مدَّ فالطبيعيٌّ يكونْ
والآخر الفرعيُّ موقوفٌ علىَ                            سببْ كهمزٍ أوْ سكونٍ مُسجلاَ
حروفُه ثلاثةَّ فعِيها                                      مِن لفظِ وايٍ وهْيَ في نُوحيها
والكسرُ قبلَ اليا وقبلَ الواو ضَمْ                                 شرطٌ وفَتْحٌ قبلَ ألْفٍ يُلْتَزمْ
والَّينُ منها اليا وواوٌ سَكَنا                               إنِ انفتاح قبلَ كلَّ أُعلِنا
 
أحكام المدود المتقدم ذكرها
أحكامها ثلاثة: وهي الوجوب، والجواز، واللزوم.
فالوجوب هو للمتصل فقط، وذلك لأن جميع القراء قرأوا بمده زيادة عن المد الأصلي الطبيعي، وان تفاوتوا في مقدار هذه الزيادة.
ولحفص المدُّ فيه مقدار أربع حركات أو خمس حركات.
 فان تطرف همزه نحو شاء ويشاء جاز له حال الوقف عليه وجه ثالث وهو المد مقدار ست حركات وذلك من أجل السكون. والجواز هو لكل من المنفصل، والعارض، والبدل. وذلك
لجواز القصر والمد في ثلاثتها،
ولحفص في المنفصل المد أربعاً أو خمساً والقصر حركتين لكن من طريق النشر خاصة ولا يقرأ به إلا بعد مدارسة خاصة.
وله في العارض القصر حركتين، أو التوسط أربعاً، أو المد ستاً.
 وتجوز هذه الأوجه الثلاثة لجميع القراء.
أما البدل فليس له فيه إلا القصر كبقية القراء ما عدا ورشاً فله القصر والتوسط والمد.
واللزوم هو للمد اللازم فقط، وذلك لإجماع القراء على مده مقداراً واحداً هوست حركات.
        قال الشيخ الجمزوري رحمه الله:
للمد أحكامُ ثلاثة تدومُ                           وهي الوجوبُ والجوازُ واللزومُ
فواجبٌ أن جاء همزٌ بعدَ مدْ                    في ِكلْمةٍ وذا بِمُتصِلْ يُعَد
وجايزُ مد وقصر أن فُصلْ                      كُلٌ بِكِلْمة وهذا المنفصِل
ومثلُ ذا أن عَرَضَ السكونُ                     وقْفا كتعلمون نستعينُ
أو قُدَّم الهمزُ على المد وذا                     بدلْ كآمنوا وإيمانا خُذا
ولازمٌ إنِ السكون أٌصلا                         وَصْلا ووقفا بعد طُوَّلا
 
أقسام المد اللازم
بعد أن عرفنا أنواع المدود وأحكامها ينبغي أن نعرف أقسام المد اللازم فنقول: أقسامه أربعة ـ وبيانها كالآتي:
1-        كلمي مثقل نحو ( الصاخة والحاقة ).
2-        كلمي مخفف ولم يقع في القرآن الكريم إلا في موضعين اثنين هما
( ءآلآن وقد كنتم به تستعجلون، ءآلآن وقد عصيت قبل ) كلاهما في سورة يونس عليه السلام وذلك على وجه إبدال همزة الوصل ألفا.
3-        حرفي مثقل نحو ( لام ) من الم والمر.
4-        حرفي مخفف نحو ( ميم ) من آلم ذلك الكتاب.
هذا ولم يقع المد اللازم الحرفي في القرآن إلا في أوائل السور.
وينحصر في ثمانية حروف هي حروف ( كم عسل نقص ) وكلها مركبة من ثلاثة حروف. وسطها ساكن حرف مد ولين أو حرف لين فقط.
وكلها تمد مدا طويلاً قدره ست حركات إلا ( ع ) فانه يجوز فيها المد أربعاُ أو ستاً ويجوز فيها القصر غير أن المد أقوى من القصر.
وقد وقعت في فاتحتي مريم والشورى وسبب مخالفة ( ع ) لبقية أخواتها هو أن وسطها حرف لين، أما بقية أخواتها فوسطها حرف مد ولين وحرف المد أكثر ليونة من حرف اللين.
فكان هذا سببا في التفاوت بينهما.
وسمي الكلمى كلميا لاجتماع حرف المد مع الحروف الساكن في كلمة.
وسمي الحرفي حرفيا لاجتماع حرف المد مع الحرف الساكن في حرف.
وسمي المثقل مثقلا لإدغام الحرف الساكن فيما بعده ويلزم من الإدغام التشديد والتشديد ثقيل.
وسمي المخفف مخففاً لعدم إدغام الحرف الساكن فيما بعده.
وغير المدغم يعتبر خفيفاً.
 ثم إن بقية حروف الهجاء الواقعة في فواتح السور تنحصر في ستة حروف مجموعة في كلمة
( حي طاهر ) وكلها تمد مدا طبيعيا إلا ( الألف ) فانه لا مد فيها أصلا لأن الوسط ليس ساكنا.
وقد أشار الشيخ الجمزوري رحمة الله إلى كل ما تقدم من أقسام المد اللازم وإلى حكم الحروف الواقعة في فواتح السور فقال:
أقسامُ لازمٍ لديهم أربعةْ                         وتِلك كِلْميٌ وحَرفَّي مَعَهْ
كلاهما مُخفف مثقَّلُ                             فهذه أربعةٌ تُفَضَّلُ
فان بِكِلْمة سكون اجتمعْ                                معْ حرف مدَّ فهْو كِلْميًّ وقعْ
أو في ثُلاثيِّ الحروفِ وُجدا                     والمدُّ وسْطُه فحرْفيِّ بَدا
كلاهما مثقلُ إن أُدغما                          مخفف كلَّ إذا لم يُدغَما
واللازم الحرفُّي أولَ السُّوَرْ                     وجُودُه وفي ثمانٍ انحصرْ
يجمعها حروفُ كَم عَسلْ نَقضْ                 وعينُ ذو وجهين والطُّول أخصْ
وما سِوي الحرف الثلاثي لا ألفْ                فَمَدُّه مدٌ طبيعي ألِفْ
وذاك أيضا في فواتح السوَرْ                    في لفظ حيَّ طاهرٍ قد انحصرْ
ويجمعُ الفواتحَ الأربعْ عشرْ                    صِلْهُ سُحَيرا مَن قطَعْك ذا اشتهْر
تنبيهات هامة:
الأول أن للمد مراتب وترتيبها كالآتي:
اللازم فالمتصل فالعارض فالمنفصل فالبدل ـ وقد قال شيخنا إبراهيم شحاتة.
أقوى الممدود لازم فما اتصلْ                    فعارض فذو انفصالٍ فَبَدلْ
وسببا مد إذا ما وُجِدا                           فإن أقوى السببين انفردا
يعني إذا أجتمع في الكلمة سببان للمد أحدهما قوي والأخر ضعيف عُمِل بالقوى وأُلغِي الضعيف.
كما إذا وقف على نحو المآب من قوله تعالي ( وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) فانه يصير فيه بدل وعارض والعارض أقوى من البدل فيُعمل بالعارض ويُلغى البدل، كذلك إذا قرآ القارئ وجاءوا أباهم من قوله تعالي ( وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ ) فانه يصير في الكلمة مدان منفصل وبدل لان حرف المد وهو الواو اجتمع عليه سببان للمد سبب البدل وسبب المنفصل والمنفصل أقوى من البدل.
فيعمل بالقوى وهو المنفصل ويلغي الضعيـف وهو البدل ومنه ( وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ) ففيه بدل ولازم فيعمل باللازم ويلغي البدل وعلى هذا فقس.
الثاني: إذا اجتمع في الجملة أو الآية مدان أو أكثر من جنس واحد كما في قوله تعالي
( الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء ) البقرة 22
فان قرأ بالمد أربعا في كلمة السماء كان عليه أن يقرأ بالمد أربعا فيما بعدها من المدود المتصلة، وان قرآ بالمد خمسا في الأول كان عليه أن يقرأ بالمد خمسا فيما بعده وهكذا.
وان قرأ بالمد أربعا في كلمة ( كَمَا آمَنَ ) من قوله تعالي ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء ) الآية كان عليه أن يقرأ بالمد أربعا فيما بعدها من المدود المنفصلة وان قرأ بالمد خمسا في الأول كان عليه أن يقرأ بالمد خمسا فيما بعدها وهكذا.
 وإن قـرأ بقصـر المـد العـارض للسكـون في نحـو ( الْعَالَمِينَ ) مـن قـوله تعـالى
( الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) كان عليه أن يقـرأ بالقـصر في كل ما جاء بعده من المد العارض للسكون مثل الرحيم ونستعين وإن قرأ بالتوسط في الأول كان عليه أن يقرأ بالتوسط فيما بعده وإن قرأ بالمد في الأول كان عليه أن يقرأ بالمد فيما بعده وهكذا.
وقد أشار ابن الجزري رحمة الله إلى هذا المعني بقوله " واللفظ في نظيره كمثله ".  
الثالث للعلماء في التعليل لامتداد الصوت بحرف المد عنده ملاقاة الهمز وجوه وآراء ـ المد منها إن حرف المد ضعيف والهمز قوي، ولا يتلاءم مجاورة الضعيف للقوي إلا بتقويته فكان المد لأجل التقوية.
ومنها أنه زيد في حرف لا مد للتمكين من النطق بالهمز حيث انه قوي بسبب ما فيه من صفات الجهر والشدة والإصمات.
 ورد هذا التعليل بأنه زيد في المد عند ملاقاة السكون وليس له من صفات القوة ما للهمز.
والصواب أن يقال إن العلة في ذلك النقل والتواتر، وذلك بالإضافة إلى الأمر الوارد عن ابن مسعود رضي الله عنه وهو إن ابن مسعود كان يقرئ رجلا فقرأ الرجلُ ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ ) مرسلة أي مقصورة فقال ابن مسعود ما هكذا أقرانيها رسول الله r فقال: وكيف أقرأكها يا أبا عبدالرحمن فقال أقرأنيها ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ ) فمدها ـ رواة الطبراني.
الرابع: الأصل في الوقف السكون ـ ويجوز الروم والإشمام زيادة على السكون ويجوز الورم والإشمام زيادة على السكون.
والروم هو الاتيان ببعض الحركة بصوت خفي يسمعه القريب دون البعيد.
والإشمام: هو إطباق الشفتين مع امتدادهما إلى الأمام وإبقاء فرجة بينهما كما هو الحال في النطق بأي حرف مضموم.
ويكون الإشمام عقب تسكين الحرف الموقوف عليه مباشرة.
والإشمام هيئة لا حركة يعني أن الإشمام يرى بالعين ولا يسمع بالأذن، وإدراك ذلك إنما يكون بالتلقي والتعليم.
ويدخل الروم كلا من حركة الكسر والضم سواء أكانتا حركة بناء أم إعراب.
ويدخل الإشمام حركة الضم فقط سواء أكانت حركة بناء أم إعراب أيضا.
أما حركة الفتح يوقف عليها بالسكون لا غير.
 
والمقصود من الروم والإشمام هو الإشارة إلى حركة الحرف الموقوف عليه للتوضيح لكل من السامع والرائي.


 

وقد قال الشاطبي رحمة الله:
ورومُك اسماُع المحرَّك واقفا                   بِصوت خفيَّ كل َّ دانٍ تَنَوَّلا
والاشمامُ إِطباقُ الشفاهِ بُعَيْدَما                  يُسكَّن لا صوتٌ هناك فَيصْحَلا
وفعلها في الضم والرفع واردٌ                 ورومُك عند الكسرِ والجرَّ وُصَّلا
ولم يرهُ في الفتح ولنصب قارئٌ                وعند إما النحوٌ في الكل أُعْمِلا  
وعلى هذا فإذا وقف على نحو (الْعَالَمِينَ ) من قوله تعالي:
( الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) جاز فيه ثلاثة أوجه هي القصر والتوسط والمد بالسكون المحض لا غير،وإذا وقف على نحو ( الرَّحِيمِ ) من قوله تعالى ( الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ) جاز فيه أربعة أوجه هي القصر والتوسط والمد بالسكون المحض ثم الروم على القصر فقط لأن الروم لا يتأتى إلا على الحالة التي تكون عند الوصل فقط.
وإذا وقف على نحو ( نَسْتَعِينُ ) من قوله تعالى: ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) جاز فيه سبعة أوجه هي القصر والتوسط والمد وذلك بالسكون المحض أي الذي ليس معه إشمام، ومثلها بالسكون مع الإشمام، والروم على القصر فقط.
وكل هذا يسمى مدا عارضا للسكون ويستوي فيه جميع القراء.
وإذا وقف على نحو ( لاَ رَيْبَ ) من قوله تعالى: ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) جاز فيه ثلاثة أوجه هي القصر والتوسط والمد بالسكون المحض.
وإذا وقف على نحو ( الْبَيْتِ ) من قوله تعالي: ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ) جاز فيه أربعة أوجه هي القصر، والتوسط، والمد كلها بالسكون المحض ثم الروم على عدم المد.
وقد عبرنا بعدم المد لأن الروم إنما يتأتى على حالة الوصل وحالة الوصل هنا ليس معها أي مد بخلاف الوقف بالسكون فانه يصعب أن يتأتى بدون مد ولذا عبرنا فيه بالقصر الذي هو حركتان.
وإذا وقف على نحو ( فَلاَ خَوْفٌ ) من قوله تعالي: ( فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ) جاز فيه سبعة أوجه هي القصر والتوسط والمد وذلك بالسكون المحض، ومثلها بالسكون مع الإشمام، والروم على عدم المد كما سبق في المجرور ويسمى كل هذا لينا عارضا للسكون، ويستوي فيه جميع القراء.
الخامس: إذا اجتمع المد العارض للسكون مع اللين العارض للسكون وتقد المد وتأخر كما إذا وقف على القتال وعلى مائتين من قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ ).
فإن القارئ بالقصر في الأول قرئ بالقصر في الثاني وإن قرئ بالتوسط في الأول قرئ بالتوسط في الثاني وجاز القصر وإن قرئ بالمد في الأول قرئ بالمد في الثاني وجاز التوسط والقصر.
وإن كان العكس بأن كان اللين أولا والمد ثانيا كما إذا وقف على لا ريب وعلى المتقين من قوله تعالى ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِين َ).
فان قرئ بالقصر في الأول قرئ بالقصر في الثاني وجاز التوسط والمد.
وان قرئ بالتوسط في الأول قرئ بالتوسط في الثاني وجاز المد.
وان قرئ بالمد في الأول قرئ بالمد في الثاني.
وقد قال بعضهـم: وأضْعف الكل البـدل.. واللين عن مد لعـارض نزل وإذا وُقف على نحو
( السَّمَاء ) من قوله تعالي ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء ) جاز لحفص فيه خمسة أوجه هي المد أربعا وخمسا وستا بالسكون المحض والروم على مد أربع وخمس فقط، لأن الروم كما ذكرنا لا يتأتى إلا على الحالة التي تكون عند الوصل وعند الوصل لا يكون إلا المد أربعا وخمسا فقط.
وإذا وقف على نحو ( يَشَاءُ ) من قوله تعالى ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ) جاز فيه ثمانية أوجه هي المد أربعا وخمسا وستا بالسكون المحض ومثلها بالسكون مع الإشمام والروم على مد أربع وخمس فقط.
وإذا وقف على نحو ( شَاء ) من قوله تعالى ( فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ) جاز فيه ثلاثة أوجه هي المد أربعا وخمسا وستا بالسكون فقط.
وكل هذا يسمى متصلا عارضا للسكون ولذا جاز فيه المد ستا من أجل السكون.
وغير حفص قد يتساوى معه في الأوجه وقد ينقص وذلك بحسب مراتب المد عنده.
وإذا وقف على نحو ( صَوَافَّ ) من قوله تعالى ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ) كان فيه وجه واحد هو المد ست حركات بالسكون المحض لا غير.
وإذا وقف على نحو ( مُضَآرٍّ ) من قوله تعالى ( غَيْرَ مُضَآرٍّ ) جاز فيه وجهان السكون والروم وكلاهما على المد ست حركات.
وإذا وقف على نحو ( جَانٌّ ) من قوله تعالى ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ) جاز فيه ثلاثة أوجه هي السكون المحض والسكون مع الإشمام والروم وكلها تأتي على المد ست حركات.
ويسمى كل هذا لازما عارضا للسكون، لازما بالنسبة للساكن المدغم الذي بعد حرف المد وعارضا بالنسبة للحرف الأخير الموقوف عليه والمسكن لأجل الوقف، ويستوى في هذه الأوجه جميع القراء.
السادس: إن الروم والإشمام المتقدم ذكرهما لا يدخلان في هاء التأنيث.
وهاء التأنيث هي التي تكون تـاء في الوصل وهاء في الوقف مثل ( الْجَنَّةُ ) من قوله تعالى
( تِلْكَ الْجَنَّةُ ) فانه يوقف عليها بالسكون المحض لا غير.
أما هاء التأنيث المفتوحة فانه يوقف عليها بالتاء كرَسمها، ويجوز فيها الروم والإشمام أن كانت حركتها ضمَّة والروم فقط أن كانت حركتها كما تقدم فنحو ( بقيت ) من قوله تعالى ( بقيت اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ ) أن وُقِف عليها جاز فيها ثلاثة أوجه هي السكون المحض والسكون مع الإشمام والروم.
ونحو ( فطرت ) من قوله تعالى ( فِطْرَت اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) أن وقف عليها ففيها وجه واحد هو السكون المحض.
ويسمى كل هذا عارضنا للسكون ويستوى فيه جميع القراء.
والفرق بين التاء المفتوحة التي تقبل دخول الروم والاشمام والتاء المربوطة التي لا تقبل دخولها واضح.
فلو دخل الروم والاشمام الهاء المبدلة من تاء لالتبست بالهاء الأصلية في ( نحو نفقه ) من قوله تعالى ( قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ ) لأنه لا فرق حينئذ في الشكل ولا في النطق في حالة الوقف على كل منهما فليعلم.
ولا يدخل الروم والاشمام الحركة العارضة في نحو ( وَأَنذِرِ ) من قوله تعالى ( وَأَنذِرِ النَّاسَ )
وكذلك يومئذ وحينئذ لأن كسرة الذال إنما عرضت عند إلحاق التنوين والتنوين قد زال بالوقف فعادت الذال إلى سكونها الأًصلي.
أما ( غواشٍ ) من قوله تعالى ( وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ) ( وَكُلٌّ ) من نحو قوله تعالى ( وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ ) فإن الحركة فيها أصلية أي أن كلا من كسرة الشين وضمة اللام أًصليتان ولذا يدخلهما الروم والإشمام.
ولا يدخل الروم والاشمام ميم الجمع من نحو ( وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) عند من يقرأ بتحركها بالضم من القراء.
أما هاء الضمير في نحو ( به ويخلفه ) فقد قال بعض العلماء بجواز دخول الروم والاشمام عليها وقال بعض بالمنع، والمختار كما قال ابن الجزري رحمة الله المنع إذا كان قبلها ضم أو واو ساكنة أو كسر أو ياء ساكنة نحو.
 
 
 
 

( يخلفه وليرضوه و به وفيه ) والجواز فيما عدا ذلك من بقية صورها وقد أشار ـ أي ابن الجزري ـ رحمة الله لكل ما تقدم بقوله.
والأصلُ في الوقف السكونُ ولهمْ                                في الرفع والضم اشمِمَنَّه ورُمْ  
وامنعهما في النصب والفتح بلى                         في الجر والكسر يُرامُ مُسجلا
والرَّوْمُ الإِتْيانُ ببعض الحركةْ                            إشمامُهم إشارةٌ لا حركةْ
وعن آبي عمْرو وكوف ورَدا                            نصا وللكلَّ اختيار أٌسنِدا
وخُلفُ ها الضمير وامنعْ في الأتمْ                                من بعد يا أوْ واوٍ أو كسرٍ وضمْ
وهاءِ تأنيث رميمِ الجمع معْ                              عَارض تحريكٍ كلاهما امتنعْ
حكم المنون المنصوب ونون التوكيد الخفيفة ونون إذا، فالمنون المنصوب يبدل تنوينه ألفا حال الوقف عليه سواء أكانت الألف مرسومة في المصاحف أم غير مرسومة كما إذا وقف على نحو " ماء " من قوله تعالى: " وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً " أما إذا كان المنون المنصوب هاء تأنيث مثل غرفة ونعمة فانه يوقف عليها بالإبدال هاء.
وتبديل نون التوكيد الخفيفة ألفا في حالة الوقف عليها في " ولَيكونا " من قوله تعالى: " وليكونا من الصاغرين " وفي " لنسفعا " من قوله تعالى: " لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ".
وكذلك تبدل نون " إذا " ألفا من نحو قوله تعالى " إِذاً لأذقناك " والله أعلم.
ونكتفي بهذا القدر من الكلام على أحكام التجويد للسنة الثانية لدار القرآن الكريم ـ هذا وبالله التوفيق.
وإلى لقاء في الجزء الثاني بمشيئة الله تعالى.
ص: 29 السطر 11 هناك خطأ في كلمة ( طالما ) والصحيح ( ظالما ).
 
ص 36 السطر 12 هناك خطأ في كلمة ( تبوته ) والصحيح ( ثبوته ).


 

الفهــــــــــــــــــرس
الموضوع: ........................................................................................................الصفحة
تعريف بدار القرآن الكريم: ...................................................................................... ( 2 )
مقدمة الكتاب: ....................................................................................................... ( 4 )
مقرر السنة الأولى: ................................................................................................ ( 5 )
التجويد: ................................................................................................................ ( 6 )
مراتب القراءة: ...................................................................................................... ( 8 )
الاستعاذة: ............................................................................................................. ( 9 )
البسملة: ............................................................................................................... ( 10 )
أوجه الاستعاذة: .................................................................................................... ( 10 )
الأوجه الجائزة بين كل سورتين: ............................................................................. ( 11 )
النون الساكنة والتنوين: ......................................................................................... ( 11 )
حكم النون والميم المشددتين: ................................................................................. ( 18 )
الميم الساكنة: ....................................................................................................... ( 19 )
مقرر السنة الثانية: ............................................................................................... ( 21 )
لام ال ولام الفعل ولام الحرف: ............................................................................... ( 22 )
المد والقصر: ....................................................................................................... ( 24 )
أحكام المدود المتقدم ذكرها: ................................................................................... ( 27 )
أقسام المدد اللازم: ................................................................................................ ( 28 )
 
 
 
 ـ الغنة صوت أغن يخرج من الخيشوم مصاحبا للميم الساكنة والنون والتنوين، أو هو صوت يشبه صوت الغزالة إذا ضاع ولدُها في الفلاة وحنت وأنت وقالت: إن، أم.
 ـ فيه ثقل لعدم وجود التناسب بين النون والباء حيث لا صلة بينهما لا في المخرج ولا في الصفة
 
 
واللحن بقسميه إن تعمده القارئ أو تساهل فيه كان آثما.
وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية - إدارة الدراسات الإسلامية