إدارة الدراسات الإسلامية
EN ع

الفريد في فن التجويد ج (3)

 
الفريد في فن التجويد ج (3)
معدلة ومزيدة
بقلم : عبد الرءوف محمد سالم
1425هـ - 2004 م
 
حقوق الطبع محفوظة للوزارة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

"مقدمة الكتاب"
الحمد لله الهادي إلى سبيل الرشاد – والصلاة والسلام على رسول الله المصطفى من خيرة العباد – الذي أرسله الله رحمة للعالمين. وأيده بالمعجزات الباهرات- وأنزل عليه كتابه المبين – فرسم لنا به الطريق المستقيم. فمن تسمك به فقد هدى واتصل. ومن فرط فيه فقد ضل وانفصل. وعلى آله وأصحابه الذين سلكوا طريقه. واتبعوا سبيله. وتمسكوا بسنته فهداهم الله أجمعين.
وبعد: فلما كان القرآن الكريم معجزا لسائر الإنس والجن في ألفاظه ومعانيه كان كذلك معجزاً في رسمه ومبانيه، قال تعالى متحديا الجاحدين والمنكرين: ) قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً(، فعجزوا. فقال تعالى:)قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ( فعجزوا. فقال تعالى: ) فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ( فعجوزا.
فكان هذا دليلاً قوياً وحجة واضحة على أن القرآن كله من كلام الله وليس فيه حرف واحد من كلام البشر.
جعلنا الله من المؤمنين به – ومن العاملين بأحكامه، آمين.
 
ولنشرع فيما نحن بصدده فنقول – وبالله التوفيق.
لما كان طلاب السنتين الخامسة والسادسة من دار القرآن الكريم في حاجة إلى إعداد كتاب مشتمل على ما تبقى من أحكام التجويد الضرورية لقارئ القرآن الكريم قمنا بعون الله بوضع كتابنا هذا الذي اشتمل على أبواب ستة سوى مقدمته وخاتمته وهي:
(1) الوقفُ والابتداء               (2) الوقفُ على مرسوم الخط
(3) المقطوعُ والموصول           (4) التاءاتُ المفتوحة.
(5) الحذفُ والإثبات.              (6) همزةُ الوصل.
ونسأله وحده السداد والتوفيق- والنهج على أقوم طريق وأن ينفع به النفع العميم ويثيب عليه من فيض جوده جنات النعيم- وهو حسبنا ونعم الوكيل.
المؤلفون
مدرسو التجويد بدار القرآن الكريم
السيد رمضان إسماعيل                   عبد الرءوف محمد سالم
خلف مرسي صـالح                     محمد منظور عبد الرازق
عبد الفتاح الطـويل                      محمد يونس عبد الحق
 
الوقف والابتداء
قال ابن الجزري رحمه الله:
وبعد ما تحسن أن تجودا                  لابد أن تعرف وقفا وابتـدا
فاللفـظ أن تم ولا تعـلقا                 نام وكاف إن بمعنى عـلقا
قف وابتدى وإن بلفظ فحسن               فقف ولا تبدا سوى الأي ين
وغير مـا تم قبـيح ولـه                يوقف مضطرا ويبـدا قبله
وليس في القرآن من وقف يجب           ولا حرام غير ما له سبب
وفيهما رعاية الرسم اشترط                والقطع كالوقف وبالآي شرط
والسكت من دون تنفس وخص            بذي اتصال وانفصال حيث نص
 
الشرح والبيان:
الوقف في اللغة الحبس تقول وقَفْتُ الدابة عن المشي أي حبستها.
وفي الاصطلاح هو أن يقطع القارئ الصوت على الكلمة زمنا يسيرا يتنفس فيه عادة ناويا استئناف القراءة.
والسكت في اللغة المنع يقال سكت الرجل عن الحديث أي امتنع عنه.
وفي الاصطلاح قطع الصوت على الكلمة أو على الحرف زمنا يسيرا أيضا من غير تنفس بنية مواصلة القراءة:
مثلُ السكتات الأربعة الواردة على كل من ألف عوجا – وألف مرقدنا – ونون من راق – ولام بل ر ان.
وأما القطع فهو في اللغة الإبانة والإزالة تقول قطعتُ الشجرة إذا أبنتها وأزلتها.
واصطلاحا هو أن يقطع القارئ قراءته رأسا ناويا عدم مواصلة القراءة ولا يكون أي القطع إلا على رءوس الآي لأنها مقاطع في نفسها.
ومن الأدب أن يستعيذ القارئ عند العودة للقراءة.
 
أقسام الوقف
ينقسم الوقف إلى أربعة أقسام:
اختياري . واضطراري . اختباري . وانتظاري
فالاختياري: هو ما يقصد لذاته من غير عروض سبب من الأسباب.
والاضطراري: هو ما يعرض للقارئ بسبب ضيق في النفس أو عجز أونسيان.
والاختباري: هو ما يتعلق بالرسم، وذلك لمعرفة المقطوع والموصول والثابت والمحذوف إلخ.
والانتظاري: هو الوقف على الكلمة التي قرئت بأكثر من وجه لاستيعاب ما بها من أوجه وهو خاص بتلقي القراءات.
 
أقسام الوقف الاختياري
ينقسم الوقف الاختياري إلى أربعة أقسام:
تام وكاف وحسن وقبيح .
 
تعريف الوقف التام
هو أن يقف القارئ على كلمة انتهى الكلام عندها ولا تعلق لها بما بعدها لا لفظا ولا معنى ومثل ذلك يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده وذلك كالوقف على
بسم الله الرحمن الرحيم . ثم يبتدئ الحمد الله رب العالمين. وكالوقف على قوله وأولئك هم المفلحون. ثم الابتداء بقوله إن الذين كفروا سواء عليهم ءانذرتهم.
وكثيرا ما يوجد الوقف التام عند رءوس الآي كما تقدم من الآيات وقد يكون قبل انقضاء الفاصلة مثل "وجعلوا أعزة أهلها أذلة" فهنا تم الكلام وقوله وكذلك يفعلون رأس الآية وهو كلام جديد، وقد يكون تمام الكلام بعد رأس الآية مثل "وسررا عليها يتكئون وزخرفا" فهنا تم الكلام. لكن التمثيل بالمثاليين الآخرين إنما هو على رأي بعض العلماء أي أنه قد يكون الوقف تاما على رأي بعض العلماء وليس تاما على رأي البعض الآخر فليعلم. هذا وإذا أردت المزيد من أمثلة التام والكافي والحسن والقبيح فارجع إلى الكتب الخاصة بذلك مثل كتاب (منار الهدى في بيان الوقف والابتدا ) للأشموني.
وقد يحرم وصل الكلام التام وذلك إذا أدى الوصل إلى إفساد المعنى وهذا ما يسمى بالوقف اللازم مثل قوله تعالى :
"سبحانه أن يكون له ولد" بالنساء فلو وصل القارئ وقال- ولد له ما في السموات، لأوهم الوصل أنه وصف الولد بكونه مالكا للسموات والأرض لأن الجمل بعد النكرات صفات لذلك حرم الوصل.
ومن أنواع الوقف اللازم أيضا الوقف على قوله تعالى:
"فلا يحزنك قولهم " لأنه لو وصل بما بعده لظن السامع أن فوله " إن العزة لله جميعا" من مقول القول . ومثل هذا كثير في القرآن.
 
 
 
 
الوقف الكافي
هو أن يقف القارئ على ما لا تعلق له بما بعده من ناحية الإعراب، ولكن له تعلق به من ناحية المعنى ومثل ذلك يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده أيضا كالتام وذلك كالوقف على قوله تعالى : أم لم تنذرهم لا يؤمنون" ثم الابتداء بقوله تعالى: "ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم" فإن الآية الأولى لا تعلق لها بالآية التي بعدها من ناحية الإعراب ولكن لها تعلق بها من جهة المعنى لأن الكلام في شأن الكافرين أيضا كما هو في الآية الأولى.
وقد يكون الوقف كافيا كقوله تعالى: "ربنا تقبل منا" ولو وصل بها بعده إلى "السميع العليم " لكان أكثر كفاية.
وقد يحرم وصل الكافي أيضا كما مر في التام وذلك إذا أدى الوصل إلى خلاف المعنى المراد مثل قوله سبحانه وتعالى: "ويسخرون من الذين ءامنوا" . فيقف هنا ويكون الوقف لازما. ثم يبدئ بـ: "والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة". إذ لو وصل لاعتبر عطفا على ما قبله وليس هذا مرادا بل المراد والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة أي فوقهم منزلة. لأنه "لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة".
 
 
 
الوقف الحسن
هو الوقف على ما تم معناه أي في حد ذاته وتعلق بما بعده لفظا ومعنى كالوقف على لفظ (لله) من قوله (الحمد لله) والعالمين من قوله (رب العالمين) فانه كلام يحسن الوقف عليه لأنه أفاد السامع إفادة تامة إلا أنه متعلق بما بعده لفظا ومعنى فان ما بعد لفظ الجلالة متعلق به على أنه صفة له، وحكمه أي هذا النوع من الوقف أنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده إذا كان رأس آية بل هو سنة كالوقف على – (رب العالمين).
فإن لم يكن رأس آية مثل (الحمد لله)حسن الوقف عليه دون الابتداء بما بعده، لأن الابتداء بما يتعلق بما قبله لفظا قبيح.
الوقف القبيح
الوقف القبيح هو الوقف على ما لم يتم معناه، وذلك كالوقف على المضاف دون المضاف إليه أو على أحد جزأي الكلام كالوقف على الفعل دون الفاعل والمبتدأ دون الخبر، أو على الموصوف دون صفته نحو (بسم) من (بسم الله) و(الحمد) من(الحمد لله) وما أشبه ذلك وحكمه أي حكم هذا النوع من الوقف (أنه لا يصفح الوقف عليه ولا الابتداء بما بعده إلا إذا كان مضطرا، كأن عطس أو ضاق الابتداء بما بعده إلا إذا كان مضطرا، كأن عطس أو ضاق النفس فيقف للضرورة) ويسمى (وقف ضرورة) ثم يرجع ويصل الكلمة بما بعدها، فان وقف وابتدأ اختيارا كان قبيحا.
وأقبح القبيح الوقف والابتداء الموهمان خلاف المعنى المراد، كالوقف على قوله تعالى : (إني كفرت ) وعلى قوله (إن الله لا يستحي ) وكالوقف على (وما من إله) وكالابتداء بقوله (إن الله فقير) و(إن الله هو المسيح ابن مريم) ونحوها مما يوهم خلافَ المراد فان وقف أو ابتدأ بما ذكر متعمدا عالما بمعناه فقد أثم، وإن قصد المعنى الفاسد فقد كفر.  
تنبيه
اعلم أن الوقف في حد ذاته لا يوصف بكونه واجبا أو حراما، ولم يوجد في القرآن وقف واجب يأثم القارئ بتركه ولا حرام يأثم بفعله، إلا إذا وجد سبب لذلك من قصد إيهام ما لا يراد.
 
باب الوقف على مرسوم الخط
والمراد بالخط هنا خط المصاحف العثمانية الذي أجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والكلام في هذا الباب يشتمل على كيفية كتابة القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيفية جمعه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وعلى المقطوع والموصول، وهاء التأنيث، والإثبات والحذف، وهمزتي الوصل والقطع.
فهذا كله متصل بالرسم. ونقول إن كلمة (مرسوم) اسم مفعول مشتق من الرسم.
والرسم لغة: الأثر – واصطلاحا: تصوير اللفظ بحروف هجائه بتقدير الابتداء به والوقف عليه.
ولهذا أثبتوا صورة همزة الوصل وحذفوا صورة التنوين.
وقد خرج بهذا التعريف أسماء الحروف الموجودة بأوائل السور مثل: (ص-ق-ن) لأن لفظها قد خالف خطها فهي وإن كانت على حرف واحد في الخط لكنها على ثلاثة أحرف في اللفظ – فليعلم. هذا ولما كان الرسم العثماني أمرا مجمعا عليه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه صلى الله عليه وسلم أمرنا بالاقتداء بهم فقال.
"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ" وقال:
"اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر و عمر"
إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على وجوب الاقتداء بهم رضوان الله عليهم أجمعين.
كان لابد من الاستمساك بهذا الرسم والمحافظة عليه.  
فنحن مأجورون على اتباعهم رضوان الله عليهم ومأثومون على مخالفتهم.
ولنشرع في المقصود فنقول:
أولا: (كتابة القرآن في حياته صلى الله عليه وسمل وكيف كانت):
لقد كانت الصحابة رضي الله عنهم يكتبون القرآن على عُسُب السعف من النخيل، ورق الغزال، وأكتاف الغنم، واللخاف – بكسر اللام وتشديدها جمع لخفة بفتح اللام وهي – جارة العريضة كالألواح ، وغير ذلك كالعظام الطاهرة، وكانت كتابتهم شاملة لكل ما جاء به الرسم العثماني، كالحذف والإثبات، والمقطوع والموصول، والمرسوم بالتاء والمرسوم بالهاء، والمرسوم بالواو والمرسوم بغير واو، والمرسوم بالألف والمرسوم بغير ألف، والمرسوم بالياء والمرسوم بغير ياء، وكرسم الواو في الصلوة والزكوة ومشكوة، والواو والألف في الربوا، وزيادة الواو في سأوريكم، ونحو ذلك:
والقرآن كله كتب في عهدة صلى الله عليه وسلم لكن غير مجموع في مصحف ولا مرتب فيه على الصحيح وكتب بأمره عليه الصلاة والسلام على المشهور ومعلوم من فن الأصول أن كل ما فعل بحضرته صلى الله عليه وسلم وأقره هو سنة واجبه الاتباع لان سنته قول أو فعل أو إقرار كما تقرر في محله. وقد اجتمع في رسم القرآن القول والإقرار أي التقرير فالشأن فيه كله التوقيف كترتيبه الآن في المصحف فهو بإشارة منه عليه الصلاة والسلام فكان جبريل عليه السلام يوقف النبي صلى الله عليه وسلم على مواضع الآيات، ويقول ضع آية كذا في موضع كذا. نقله السيوطي وغيره. وكذلك قال مالك رضي الله عنه إنما ألَّفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم ا هـ. وكما أن الترتيب توقيفي فالرسم أيضا توقيفي.
وإنما لم يجمع القرآن في مصحف واحد في زمن النبي عليه الصلاة والسلام لأمرين:
احدهما: كون الجمع الغرض منه الحفظ خوف النسيان أو خوف الشك في شيء منه وكلاهما مأمون بوجود النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيهما: هو خوف النسخ بوحي يطرأ نزوله فلا ينبغي أن يجمع إلا ما لا ينسخ كما وقع في جمعه بعد وفاته عليه الصلاة والسلام وهو سبب قوي لعدم التعجيل بالجمع في حياته صلى الله عليه وسلم – قال السيوطي في الإتقان – قال الخطابي:
إنما لم يجمع النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته فلما انقضى نزوله بوفاته صلى الله عليه وسلم، ألهم الله الخفاء الراشدين جمعه وفاء بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة – ا هـ.
ومما يذكر أن الصحابة رضي الله عنهم مدة حياة النبي صلى الله عليه وسلم كان من شأنهم السبق في حفظ القرآن الكريم وتصحيحه وتتبع وجوه قراءاته وكان النبي عليه الصلاة والسلام يعرضه على جبريل عليه السلام كل عام في رمضان مرة وفي العام الذي قبض فيه عرضه عليه مرتين، وذلك للتثبيت.
وكان زيد بن ثابت رضي الله عنه قد شهد العرضة الأخيرة وكانت الجامعة الشاملة لكل المرسوم ووجود القرارات.
ثانيا: (جمعه في الصحف وسببه وذلك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه):
في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقعت حرب اليمامة وقتل فيها من قراء القرآن عدد كبير يقال إنه بلغ سبعمائة فلما رأي ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه خشي على من بقى منهم وأشار على أبي بكر بجمع القرآن، قال يا خليفة رسول الله أدرك القرآن قبل أن يضيع بموت الحفظة فأرسل أبو بكر إلى زيد بن ثابت رضي الله عنهما وأمره بجمع القرآن . وهنا يشير زيد إلى ضخامة ما وكل إليه بقوله: والله لو كلفت نقل الجبال لكان أهون عليّ مما كلفت به. فجمَعه تَتبُّعا من صدور الرجال ومن الرقاع والألواح واللخاف والعُسُب مما كان يُكتب بين يديه صلى الله عليه وسلم حتى أتمه في الصحف، ولما أتم الصحف أخذها أبو بكر واستمرت عنده إلى أن توفى. ثم عمر. ولما توفى أخذتها حفصة.
وكان زيد حافظاً للقرآن جامعاً له والسبب في تتبُّعه المذكورات أنه كان يستكمل وجوه قراءاته المعبر عنها في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه)
قال في إرشاد المريد والكاتبين: إن زيدا كتب القرآن كله بجميع أحرفه وأوجهه المعبَّرِ عنها بالأحرف السبعة الواردة في الحديث الشريف في قوله صلى الله عليه وسلم (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه) قاله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لمّا جاءه بهشام بن حكيم وقد لبّبه بردَائه أي جعله في عُنقه وجره منه لما سمعه يقرأ سورة الفرقان على غير ما اقْرأها له رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أولاً أتاه جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف واحد فقال أسأل الله معافاته ومعونته وإن أمتي لا تطيق ذلك ثم أتاه الثانية بقراءته على حرفين فقال له مثل ذلك ثم أتاه الثالثة بثلاثة فقال مثل ذلك ثم أتاه الرابعة فقال أن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيهما حرف قرءوا عليه أصابوا.
ومن حكم إتيانه عليها التخفيف والتيسير على هذه الأمة كما خُفِّفَ عليهم في شريعتهم، واختلفت أقوال العلماء في المراد بهذه الأحرف السبعة الواردة في الحديث حتى أفرده بعضهم بالتأليف مع إجماعهم على أنه ليس المراد أن كل كلمة تقرأ على سبعة أوجه إذ لا يوجد ذلك إلا في كلمات يسيرة نحو ارجئة، وجبريل، وعلى أنه ليس المراد القراء السبعة المشهورين، وقد ذهب بعضهم إلى انها لغات أي لهجات واختلفوا في تعيينها فقال أبو عبيدة.
هي قريش، وهذيل، وثقيف، وهوازن، وكنانة، وتميم، واليمن، وقيل غير ذلك.
وقال المحقق ابن الجزري ولا زلت استشكل هذا الحديث وأفكر فيه وأمعن النظر من نحو نيف وثلاثين سنة حتى فتح الله على بما يمكن أن يكون صوابا إن شاء الله تعالى، وذلك أني تتبعت القراءات صحيحها وضعيفها وشاذها فإذا هي يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه لا يخرج عنها وذلك إما في الحركات بلا تغيير في المعنى والصورة نحو البخل باثنين، ويحسب بوجهيه،- أو بتغيير في المعنى فقط نحو فتلقى آدم من ربه كلمات – وإما في الحروف مع تغيير في المعنى لا في الصورة نحو تبلو، وتتلو- وعكس ذلك نحو بسطة وبصطة- أو بتغييرهما نحو اشد منكم، ومنهم –وإما في التقديم والتأخير نحو فيقتلون ويقتلون – أو في الزيادة والنقصان نحو ووصى، وأوصى: فهذه سبعة أوجه لا يخرج الاختلاف عنها.
ثالثا: (نسخ القرآن الكريم في المصاحف وسببه وذلك في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه).
ففي خلافة عثمان رضي الله عنه وقعت حرب أرمينية وما جاورها سنة ثلاثين من الهجرة – على ما جاء في كتب السيرة – وفي الأسفار رأى كل واحد من جماعات المسلمين بزعمه أن قراءته خير من قراءة  غيره وكادوا أن يقتتلوا بسبب ذلك. وشاهد ذلك حذيفة بن اليمان رضي الله عنه حيث كان مأموراً – بفتح هذا البلاد فلما رجع إلى عثمان رضي الله عنه أخبره بما رأى. وقال يا أمير المؤمنين أدرك القرآن قبل أن يختلف الناس فيه كما اختلف اليهود والنصارى في كتبهم من قبل. ففزع لذلك عثمان وجمع الصحابة رضي الله عنهم وكان عددهم يومئذ اثني عشر ألفا وأخبرهم الخبر فأعظموه جميعا ورأوا ما رأى حذيفة فأرسل عثمان إلى حفصة أم المؤمنين رضي الله عنهما واستحضر من عندها الصحف التي كتبت في عهد أبي بكر رضي الله عنه، واحضر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عباس، وغيرهم – وأمرهم أن ينسخوها في المصاحف وجعل الرئيس عليهم زيدا لعدالته وحسن سيرته ولكونه كان كاتب الوحي المداوم عليه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ولشهوده العرضة الأخيرة وقراءته القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم بعدها أي بعد العرضة الأخيرة وهي حاكمة على العرضات المتقدمات ولاعتماد أبي بكر وعمر عليه في كتابة الصحف في خلافة الصديقة رضي الله عنه وقد نسخوها في المصاحف بالتحرير التام ولم يغيروا ولم يبدلوا ولم يقدموا ولم يؤخروا، ولم يختلفوا إلا في كلمة (التابوت) في سورة البقرة فقال بعضهم تكتب بالهاء المربوطة كالتوراة، فراجعوا في ذلك عثمان رضي الله عنه فقال لهم اكتبوها بالتاء المجرورة فإنها لغة قريش كتبوها كما أمرهم ولما أتموا الكتابة سموه (المصحف) ومعناه جامع الصحف، ورد عثمان الصحف إلى حفصة رضي الله عنهما وأرسل إلى كل إقليم بمصحف مما نسخوا وأمرهم بإحراق ما خالفها وكتبت المصاحف العثمانية على الترتيب المكتوب في اللوح المحفوظ بتوقيف جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم وإعلامه عند نزول كل آية بموضعها مجردة من النقط والشكل، متفاوتة في الحذف والإثبات والبدل، والفصل والوصل، لتحتمل ما صح نقله وتواتر من الراءات المأذون فيها.إذ الاعتماد في نقل القرآن الكريم إنما هو على الحفظ لا على مجرد الخط، وكتابة المصاحف مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة الجامعة للعرضة الأخيرة. وقيل إن القرآن جمع أولا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن الصواب هو ماتقدم.
 
وقد نظم بعضهم ذلك فقال :
لم يجمع القرآن في مجلد                  على الصحيح في حياة احمد
للأمن فيه من خلاف ينشأ                 وخيفة النسخ بوحي يطرأ
وكان يكتب على الأكتاف                  وقطع الأدم واللخاف
وبعد اغماض النبي فا لأحق        أن أبا بكر بجمعه سبق
جمعه غير مرتب السور                   بعد اشارة اليه من عمر
ثم تولى الجمع ذو النورين                 فضمه ما بين دفتين
مرتب السور والآيات                     مخرجا بأفصح اللغات
 
رابعا: (وجوب اتباع الرسم العثماني ودليله):
فرسم القرآن الكريم واجب اتباعه شرعا – كتابا وسنة وإجماعا- كما هو مروي عن الأئمة الأربعة – أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وكذا عن غيرهم.
فقد نقل أبو عمرو الداني عن أشهب سئل مالك عمن استكتب مصحفا هل يكتبه على ما أحدثه الناس اليوم من الهجاء قال لا أرى ذلك بل على الكتبة الأولى، قال أبو عمرو: ولا مخالفا في ذلك من الأئمة، وقال في موضع آخر سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والألف أترى أن يغير من المصحف إذا وجد فيه- كذلك قال لا. قال أبو عمرو يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ نحو أولوا، وقال الإمام أحمد يحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ياء أو ألف غير ذلك، وقال البيهقي في شعب الإيمان من يكتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف ولا يخالفهم فيه ولا يغير ما كتبوه مثبتا فانهم كانوا أكثر علما واصدق قلبا ولسانا وأعظم أمانة منا فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم أ هـ بلفظه فمما ذكر من نصوص الأئمة يعلم أنه توقيفيٌّ كتابا، وسنة، وإجماعا، فدليله من الكتاب قوله تعالى.
)وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ([الحشر:7]، وقوله تعالى: ) ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ( [القلم:1]  وقوله تعالى ) لَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ([العلق:4،5]. ودليل ذلك من السنة أمره صلى الله عليه وسلم بكتابته.
فقد ورد ان القرآن كتب بحضرة جبريل عليه السلام وان النبي صلى الله عليه وسلم كان يملي زيد بن ثابت من تلقين جبريل عليه السلام.
خامسا: (عدد المصاحف العثمانية):
اختلف في عدد المصاحف فقيل انها أربعة هو الذي اتفق عليه أكثر العلماء وقيل انها خمسة وقيل انها ستة وقيل انها سبعة وقيل انها ثمانية.
أما كونها أربعة فقيل إنه أي سيدنا عثمان رضي الله عنه أبقى مصحفاً بالمدينة وأرسل مصحفا إلى الشام، ومصحفا إلى الكوفة، ومصحفا إلى البصرة، وأما كونا خمسة فالأربعة المتقدم ذكرها والخامس أرسله إلى مكة وأما كونها ستة فالخمسة المتقدم ذكرها. والسادس اختلف فيه فقيل جعله خاصة لنفسه وقيل أرسله إلى البحرين، وأما كونها سبعة فالستة المتقدم ذكرها والسابع أرسله إلى اليمن وأما كونها ثمانية فالسبعة المتقدم ذكرها والثامن كان لعثمان يقرأ فيه هوهو الذي قتل وهو بين يديه ا هـ غنية الطالبين.
قال ابن القاصح قال أبو علي أمر عثمان رضي الله عنه زيدَ بن ثابت أن يقرئ بالمدني، وبعث عبدالله بن السائب مع المكي وبعث المغيرة بن شهاب مع الشامي وأبا عبد الرحمن السلمي مع الكوفي، وعامر بن قيس مع البصري. وكان في تلك البلاد الجم الغفير من حفاظ القرآن الكريم من التابعين، فقرأ كل مصر بما في مصحفه ونقلوا ما فيه عن الصحابة الذين تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم تجرد للأخذ عن هؤلاء رجال سهروا ليلهم في ضبطها وتعبوا نهارهم في نقلها حتى صاروا في ذلك أئمة للاقتداء وأنجما للاهتداء اجتمع أهل بلدهم على قبول قراءتهم ولم يختلف عليهم اثنان في صحة روايتهم ودرايتهم ولتصديقهم للقراءة نسبت إليهم وكان المعول فيها عليهم نفعنا الله تعالى بهم آمين.
باب المقطوع والموصول
المقطوع هو المفصول عما بعده رسما نحو قوله تعالى: (وحيث ما) بالبقرة وقوله تعالى: )إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ( بالأنعام، والمقطوع هو الأصل.
والموصول هو كل كلمة اتصلت بغيرها رسما نحو قوله تعالى: )أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ( بسورة النمل.
والمقطوع والموصول كالمرسوم بالتاء والمرسوم بالهاء، وكالمرسوم بالحذف والمرسوم بالإثبات في الكلمات القرآنية مطلوب – اتباع كل منها في القراءة حسبما رسمت في المصاحف العثمانية. ولذلك كان لابد للقارئ من معرفتها ليقف على المقطوع في محل قطعه عند الضرورة أو عند اختباره أي امتحانه، وعلى الموصول عند انقضائه، وينحصر الكلام عليه في أربعة وعشرين فصلا. وقد نظمها ابن الجزري رحمه الله فقال:
 
واعرف لمقطوع وموصول وتا
                                  في مصحف الإمام فيما قد أتى
فاقطـع بعشر كلـمات أن لاّ
                                   مــع مـلجـأ ولا الـه إلاّ
وتعبدوا ياسين ثاني هـود لا
                                  يُشركن تُشرك يدخلن تعلوا على
أن لا يقولوا لا أقول إن مّـا
                                  بالوعد والمـفتوح صل وعن مّا
نهو اقطعوا من ما بروم والنسا     
                                  خلـف المنافقين أم مّـن أسَّسا
فصّلت النّسا وذبح حيث مـا
                                  وأن لـّم المفتـوح كسر إنّ ما
إلا نعام والمفتوح يدعون معا
                                  وخلـف إلا نفال ونـحل وقعا
وكـل ما سألتموه واختـلف
                                  ردوا كذا قل بئسما والوصل صف
خلفتموني واشتروا في ما اقتطعا
                                  أوحي أفضتم اشـتهت يبلوا معا
ثاني فعلن وقعـت روم كلا
                                  تنزيل شـعرا وغـيرها صلا
فأينما كالنحل صل ومختلف
                                  في الشعر الأحزاب والنسا وصف
وصل فان لم هود ألن نجعلا
                                  نجمع كيلا تحزنوا تأسوا على
حج عليك حـرج وقطعهم
                                  عن من يشاء من تولى يوم هم
ومال هـذا والذين هـؤلاء        
                                  تحين في الإمـام صل ووُهِّلا
كالـوهم أو زنـوهم صل
                                  كذا من ا لوهـا ويا لا تفضل
وإليك بيانها:
 

الفصل الأول :

(أن مفتوحة الهمزة ساكنة النون مع لا النافية)
وجاء رسمها في القرآن الكريم على ثلاثة أقسام:
الأول منها: مقطوع بلا خلاف وذلك في عشرة مواضع
(1)            )وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ( في سورة التوبة.
(2)            )وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ( بسورة هود.
(3)            )أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ( في سورة يس.
(4)            )أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ( الموضع الثاني بسورة هـود.
(5)            )أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً( بسورة الممتحنة.
(6)            )أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً( بسورة الحج.
(7)            (أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين) في سورة ن.
(8)            (وأن لا تعلوا على الله) في سورة الدخان.
(9)            (أن لا يقولوا على الله إلا الحق).
(10)      (أن لا أقول على الله إلا الحق) كلاهما في سورة الأعراف فهذه المواضيع العشرة مقطوعة باتفاق.
الثاني منها: مختلف فيه :
وهو موضع واحد جاء في قوله تعالى: (أن لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين) بسورة الأنبياء.
والعمل فيه على القطع ولم ينبه عليه ابن الجزري.
الثالث: موصول بلا خلاف وهو غير ما ذك نحو قوله تعالى: (ألا يجدوا ما ينفقون)، (واجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله) كلاهما في سورة التوبة (ألا يسجدوا لله) في سورة النمل، (ألا تزر وازرة وزر أخرى) بسورة النجم.
 

الفصل الثاني:

(إن الشرطية مع ما).
ورسمها على قسمين:
الأول: مقطوع باتفاق في موضع واحد وهو قوله تعالى: (وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم) في سورة الرعد.
الثاني: موصول باتفاق وهو ما عدا الموضع المذكور نحو قوله تعالى: (قل رب أما تريني ما يوعدون) في سورة المؤمنون.
 

الفصل الثالث:

(أم مع ما الاسمية)
وجاء رسمها بالوصل قولا واحدا نحو قوله تعالى:
(أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين) معا بسورة الأنعام، وقوله تعالى: (ءالله خير أما يشركون، أماذا كنت تعملون) كلاهما بسورة النمل.
 

الفصل الرابع:

(عن الجارة مع ما الموصولة).
وجاء الرسم فيها على قسمين:
الأول: مقطوع اتفاقا في موضوع واحد وهو قوله تعالى: (فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين) بسورة الأعراف.
الثاني: موصول باتفاق وهو عدا الموضوع المذكور نحو (عما تعملون) في سورة البقرة. عما يشركون في سورة النحل.
عما يقولون في سورة الإسراء، (عما يعمل الظالمون) في سورة إبراهيم.
 

الفصل الخامس:

(من الجارة مع ما الموصولة).
والرسم فيها على ثلاثة أقسام:
أولها: مقطوع اتفاقا وجاء في موضوعين:
(1)            قوله تعالى: (هل لكم من ما ملكت أيمانكم) في سورة الروم.
(2)            وقوله تعالى : (فمن ما ملكت أيمانكم) في سورة النساء.
ثانيها: مختلف فيه ، وهو قوله تعالى: (وأنفقوا مما رزقناكم) في سورة المنافقين، رسم في بعض المصاحف مقطوعا وفي بعضها موصولا. والعمل على القطع.
ثالثها: موصول باتفاق وهو غير ما تقدم نحو قوله تعالى:
(مما نزلنا على عبدنا) ، (مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم) كلاهما في سورة البقرة، (الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) بالأنفال، (ومما تعبدون من دون الله) بسورة الممتحنة.
 

الفصل السادس:

(أم مع من).
وجاء رسمها على قسمين:
الأول : مقطوع بغير خلاف وجاء في القرآن الكريم في أربعة مواضع:
(1)            ( أم مّن أسس بنيانه على شفا جرف ) بالتوبة.
(2)            (أم مّن يأتي ءامنا يوم القيامة) في سورة فصلت.
(3)            (أم مّن يكون عليهم وكيلا) في سورة النساء.
(4)            (أم مّن خلقنا) في سورة الصافات.
الثاني: موصول بلا خلاف نحو قوله تعالى: (أمّن لا يهدي) في سورة يونس و(أمّن جعل الأرض قرارا) و (أمّن يجيب المضطر إذا دعا)، و(أمّن يهديكم في ظلمت البر والبحر) بالنمل، و (أمّن هو قنت ءاناء الليل) في سورة الزمر.
 
 

الفصل السابع:

(حيث مع ما).
وقد رسمت بالقطع قولا واحدا ووقعت في موضعين بسورة البقرة (1) قوله تعالى: (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين) (1) (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا) وليس في القرآن غيرهما.
 
الفصل الثامن:
(أن المصدرية مفتوحة الهمزة، ساكنة النون مع لم الجازمة).
وجاء رسمها بالقطع قولا واحدا ووقعت في موضعين:
(1) قوله تعالى: (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى) في سورة الأنعام (2) (أيحسب أن لم يره أحد) في سورة البلد.
 

الفصل التاسع:

(إن مكسورة الهمزة مشددة النون مع ما).
وجاء رسمها على ثلاثة أقسام:
الأول: مقطوع اتفاقا وهو موضع واحد في قوله تعالى: (إن ما توعدون لآت) في سورة الأنعام.
الثاني: مختلف فيه وجاء في قوله تعالى: (إنّما عند الله هو خير لكم) في سورة النحل والعمل فيه على الوصل.
الثالث: موصول اتفاقا نحو قوله تعالى: (إنّما الله إله واحد) في سورة النساء، (إنما يرد الله ليذهب عنكم الرجس) بالأحزاب (إنما تعبدون من دون الله أوثانا) في سورة العنكبوت، (إنما توعدون لواقع) في سورة المرسلات، (فإنما على رسولنا البلاغ المبين) في سورة التغابن. وقس على ذلك.
 

الفصل العاشر:

(أن مفتوحة الهمزة مشددة النون مع ما).
وجاء رسمها على ثلاثة أقسام:
أولها: مقطوع اتفاقا وجاء في موضعين وهما
(1)            قوله تعالى: (وأن ما يدعون من دونه هو البطل) في سورة الحج
(2)            وقوله تعالى: (وأن ما يدعون من دونه البطل) في سورة لقمان.
 
ثانيها: مختلف فيه وهو قوله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء) في سورة الأنفال والعمل فيه على الوصل.
ثالثها: موصول اتفاقا وهو سوى ما ذكر نحو قوله تعالى: (فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين) في سورة المائدة، وقوله تعالى: (واعلموا أنما أموالكم وأولدكم فتنة) في سورة الأنفال، وقوله تعالى: (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد) في الكهف، (إن يوحى إلى إلا أنما أنا نذير مبين) في سورة ص.
 

الفصل الحادي عشر: (كل مع ما) .

وجاء رسمها على ثلاثة أقسام:
الأول: مقطوع اتفاقا في موضع واحد وهو قوله تعالى: (وءاتــكم من كل ما سألتموه) في سورة إبراهيم.
الثاني: مختلف فيه وجاء في أربعة مواضع:
(1)            قوله تعالى: (كلما ردوا إلى الفتنة) في سورة النساء.
(2)            (كلما دخلت أمة) في الأعراف.
(3)            (كلما جاء أمة رسولها) في المؤمنون.
(4)    (كلما القي فيها فوج) في سورة الملك، فكتبت هذه المواضع في بعض المصاحف بالقطع وفي بعضها بالوصل.
وقد نظم أبو نصر الهروي أحد شرّاح الجزرية بيتا للكلمات الثلاثة الأخيرة فقال:
وجاء أمة وألقي دخلت                 في وصلها وقطعها فاختلفت
الثالث: موصول باتفاق وهو سوي المواضع الخمسة المذكورة نحو قوله تعالى: (كلما أضاء لهم مشوا فيه) (كلما رزقوا منها من ثمرة؛ كلاهما في سورة البقرة، (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) في سورة المائدة، (مكلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم) في سورة الحج.
 

الفصل الثاني عشر: (بئس مع ما)

وقد ورد رسمها في المصاحف على ثلاثة أقسام:
الأول: مختلف فيه وجاء في موضع واحد وهو قوله تعلى: (قل بئسما يأمركم به إيمانكم) وهو الموضع الثاني في سورة البقرة فجاء رسمه في بعض المصاحف مقطوعا وفي بعضها موصولا.
الثاني: موصول بلا خلاف وجاء موضعين:
(1)            قوله تعالى: (قال بئسما خلفتموني من بعدي) في سورة الأعراف.
(2)    قوله تعالى: (بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله) في سورة البقرة وهو أول المواضع المذكورة فيها.
الثالث: مقطوع باتفاق وذلك في ستة مواضع وهي:
(1)            (ولبئس ما شروا به أنفسهم ) في سورة البقرة.
(2)            (لبئس ما كانوا يعملون).
(3)            (لبئس ما كانوا يصنعون).
(4)            (لبئس ما كانوا يفعلون).
(5)    (لبئس ما قدمت لهم انفسهم) ، وهذه المواضع الأربعة في سورة المائدة. وكلها بها موضع البقرة مبدوءة باللام قبل بئس.
(6)            (فبئس ما يشترون) في سورة آل عمران وهو مبدوء بالفاء قبل بئس.
 

الفصل الثالث عشر:               (في الجارّة مع ما الموصولة)

كتبت في المصاحف في ثلاثة أقسام:
الأول: جاء رسمه بالمقطع في موضع واحد باتفاق وهو قوله تعالى: (أتتركون في ما ههنا ءامنين) في سورة الشعراء.
الثاني: مختلف فيه العمل على القطع وذلك في عشرة مواضع وهي:
(1)            (لا أجد في ما أوحي إلى محرما) بالأنعام.
(2)            (لمسكم في ما افضتم فيه) بالنور.
(3)            (وهم في ما اشتهت انفسهم) بالأنبياء.
(4)            (ولكن ليبلوكم في ما ءاتكم) بالمائدة.
(5)            (ليبلوكم في ما ءاتكم) بالأنعام
(6)            (في ما فعلن في انفسهم من معروف) بالبقرة.
(7)            (وننشئكم في ما لا تعلمون) بالواقعة.
(8)            (من شركاء في ما رزقناكم) بالروم.
(9)    ، (10) (إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون) ، (أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفن) كلاهما بالزمر.
الثالث: موصول باتفاق وهو سوي ما ذكر من المواضع الأحد عشر كقوله تعالى: (فالله يحكم بينهم يوم القيمة فيما كانوا فيه يختلفون) ، و (فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف)و (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ) وهذه المواضع الثلاثة وردت في سورة البقرة ونحو قوله تعالى: (قالوا فيم كنتم) بسورة النساء، و (فيم أنت من ذكريها) بالنازعات.
 

الفصل الرابع عشر: (أين مع ما )

والرسم فيها على ثلاثة أقسام:
الأول: جاء وصلها بالإجماع في موضعين هما:
(1)            (فأينما تولوا فثم وجه الله) في سورة البقرة.
(2)            (أينما وجهه لا يأت بخير) في سورة النحل.
 
الثاني: مختلف فيه وورد في ثلاثة مواضع وهي:
(1)            (أين ما كنتم تعبدون من دون الله ) في سورة الشعراء.
(2)            (أين ما ثقفوا أخذوا) في سورة الأحزاب.
(3)            (أين ما تكونوا يدرككم الموت) بالنساء.
الثالث: مقطوع بالإجماع سوى هذه المواضع الخمسة نحو قوله تعالى: (فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا) بالبقرة (وهو معكم أين ما كنتم تدعون) بالأعراف، (أين ما كنتم تشركون) في سورة غافر، (أين ما كمنتم) في سورة الحديد ، (أين ما كانوا) بالمجادلة.
 

الفصل الخامس عشر:

(إن الشرطية مكسورة الهمزة ساكنة النون مع لم الجازمة ) وجاء رسمها على قسمين.
الأول: موصول اتفاقا وهو موضع واحد في قوله تعالى: (فإ لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنها أنزل بعلم الله) في سورة هود.
الثاني: سوى هذا الموضع السابق ذكره مقطوع بالإجماع حيث ورد في القرآن الكريم نحو قوله تعالى (فإن لم تفعلوا) في سورة البقرة، (لئن لم ينته المنافقون) في سورة الأحزاب، (فإن لم يستجيبوا لك) في سورة القصص.
 

الفصل السادس عشر:

(أن المصدرية مع لن الناصبة)
وجاء رسمها على قسمين:
الأول: موصول بالإجماع وورد في القرآن الكريم في موضعين:
(1)            قوله تعالى: ( أن لن نجعل لكم موعدا) في سورة الكهف.
(2)            (ألن نجمع عظامه) في سورة القيامة.
الثاني: مقطوع بالإجماع وهو سوى هذين الموضعين نحو قوله تعالى: (أن لن ينقلب الرسول) في سورة الفتح، (أن لن تقول الإنس) في سورة الجن، (أن لن يقدر عليه أحد) في سورة البلد.
 

الفصل السابع عشر:

(أن مفتوحة الهمزة ساكنة النون مع لو)
وجاء رسمها على قسمين.
الأول: مقطوع باتفاق في ثلاثة مواضع وهي:
(1)            (أن لو نشاء أصبنهم بذنوبهم) في سورة الأعراف.
(2)            (أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا) في الرعد.
(3)            (أن لو كانوا يعلمون الغيب) في سورة سبأ.
الثاني: مختلف فيه والعمل على القطع وهو موضع واحد في قوله تعالى: (وأن لو استقاموا على الطريقة) في سورة الجن. ولْيُعلم أن ابن الجري لم يتعرض في منظومته متن الجزرية لأنْ مع لو . لكن غيره قد تعرض لها.
 

الفصل الثامن عشر: (كي مع لا)

وجاء رسمها في القرآن الكريم على قسمين:
الأول: موصول بلا خلاف وذلك في أربعة مواضع:
(1)            (لكيلا تحزنوا على ما فاتكم) في سورة آل عمران.
(2)            (لكيلا تأسوا على ما فاتكم) في سورة الحديد.
(3)            (لكيلا يعلم من بعد علم شيئا) في سورة الحج.
(4)            (لكيلا يكون عليك حرج) الموضوع الثاني في سورة الأحزاب.
الثاني: مقطوع باتفاق وهو سوى المواضع المذكورة نحو قوله تعالى: (لكي لا يعلم بعد علم شيئا) في سورة النحل، (لكي لا يكون على المؤمنين حرج) أولى موضعي الأحزاب، (كي لا يكون دولة) في سورة الحشر.
 
 
الفصل التاسع عشر:
(عن الجارة مع من الموصولة) .
وجاء رسمها بالقطع قولا واحدا.
وقد وقعت في موضعين وهما:
(1)            قوله تعالى: (ويصرفه عن من يشاء) في سورة النور.
(2)    (فأعرض عن من تولى عن ذكرنا) في سورة النجم ، وليس في القرآن غيرهما. ونص ابن الجزري عليهما إنما هو لبيان الواقع لا للاحتراز.
 

الفصل العشرون:           (يوم مع هم)

الأول: مرفوع المحل وكتب بالقطع في موضعين:
(1)            قوله تعالى : (يوم هم بارزون) في سورة غافر.
(2)            (يوم هم على النار يفتنون) في سورة الذاريات.
الثاني: مجرور المحل، ورسم موصولا باتفاق حيث جاء في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: (حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون) في سورة الطور، (حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون) في سورة المعارج.
 

الفصل الحادي والعشرون:         (لام الجر مع مجرورها)

وجاء رسمها على قسمين:
الأول: مقطوع بالإجماع وذلك في أربعة مواضع:
(1)            (مال هذا الكتاب لا يغادر) في سورة الكهف.
(2)            (مال هذا الرسول يأكل الطعام) في سورة الفرقان،
(3)            (فمال الذين كفروا قبلك مهطعين) في سورة المعارج.
(4)            (فمال هؤلاء القوم) في سورة النساء.
الثاني: غير المواضع المذكورة موصول بلا خلاف نحو قوله تعالى: (ما للظالمين من حميم) في سورة غافر، (وما لأحد عنده من نعمة تجزي) في سورة الليل.
 

الفصل الثاني والعشرون:

(ولات حين) . ولم ترد إلا في سورة ص.
وقد اختلف فيها بين وصل التاء بالظرف بعدها وقطعها عنده فذهب الخليل وسيبويه والكسائي وأئمة النحو والقراءة على أن (ولات) كلمة و (حين) كلمة أخرى على أن لا نافية دخلت عليها التاء علامة على تأنيث الكلمة كما دخلت على رب وثم فتقول ربت، وثمت وحينئذ تكون التاء متصلة بلا – حكما، وذهب أبو عبيد القاسم بن سلام إلى الوصل- وقال والوقف عندي على لا والابتداء بتحين لأني  نظرتها في مصحف الإمام (تحين) وقال وهذه التاء تزاد في حين فيقال هذا تحن، ثم اختلف القراء في الوقف عليها فالكسائي يقف بالهاء لأصالتها والباقون بالتاء تبعا للرسم، واجمعوا على أنه لا يجوز الوقف على لا والابتداء بتحين وأبو عبيد على العكس لاعتماده على ما رأى.
 

الفصل الثالث والعشرون:

وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون – في سورة المطففين، وردت بالوصل أي وصل الواو مع الهاء في كل من الكلمتين ولذلك لم يرسم بعد الواو فيهما ألف – ولا يصح الوقف عليها أي على الواو.
 
الفصل الرابع والعشرون:
ويشتمل على ثلاثة أحرف وهي :
(وإذا كالوهم أو وزنهم يخسرون) في سورة المطففين، وردت بالوصل أي وصل الواو.
 

الفصل الرابع والعشرون:

ويشتمل على ثلاثة أحرف وهي :
(1) ال المعرفة             (2) هاء التنبيه             (3) ياء النداء
وقد ورد كل من الأحرف الثلاثة موصولا بما بعده قراءة ورسما وإن كانت ثلاثتها مستقلة وذلك لشدة امتزاجها بما بعدها فمثال ال قوله تعالى: والقمر قدرنه منازل ، ومثال هاء التنبيه هأنتم هؤلاء ، ومثال ياء النداء يأيها الذين ءامنوا توبوا إلى الله ، وما أشبه ذلك ولا يصح الوقف على ال، ولا ها، ولا يا – ولا الابتداء بما بعد كل منها.
إلى هنا تم مقرر السنة الخامسة ويليه مقرر السنة السادسة والأخيرة للمرحلة الأولى من دار القرآن الكريم.
"مقرر السنة السادسة"
باب هاء التأنيث
هاء التأنيث هي تاء من بنية الاسم المفرد مثل رحمة، نعمة. والأصل فيها إن تكتب بالتاء المربوطة.
لكن جاء في القرآن الكريم كلمات مخالفة لذلك مكتوبة بالتاء المفتوحة ويوقف عليها لحفص بالتاء كرسمها وعددها ثلاث عشرة كلمة و أصل مطرد.
وقد نظمها ابن الجزري رحمه الله فقال:
 
وحمت الزخرف بالتازيره
 
الاعراف روم هود كاف البقرة
نعمتها ثلاث نحل ابرهم
 
معا اخيرات عقود الثان هم
لقمان ثم فاطر كالطور
 
عمران لعنت بها والنور
وامرأت يوسف عمران القصص
 
تحريم معصيت بقد سمع تخص
شجرت الدخان سنت فاطر
 
كل والأنفال وحر غافر
أوسط الأعراف وكل ما اختلف
 
جمعا وفردا فيه بالتاء عرف
 
وبيانها كالآتي :
(رحمت) وردت في سبعة مواضع في ست سور- وبيانها كالآتي – في الزخرف موضعان هما:
(أهم يقسمون رحمت بك) وحرمت ربك خير مما يجمعون).
وفي الأعراف موضع هو (إن رحمت الله قريب من المحسنين )
وفي الرم موضع هو (فانظر إلى ءاثر رحمت الله).
وفي هود موضع هو (رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت)
وفي كاف أي مريم موضع هو:
(ذكر رحمت ربك عبده زكريا)
وفي البقرة موضع  هو: (اولئك يرجون رحمت الله)
وخرج نحو: (لا تقنطوا من رحمة الله بالزمر) فانه بالتاء المربوطة.
(نعمت) وردت في أحد عشر موضعا في ثمان سور وبيانها كالآتي في البقرة موضع هو:(واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة).
وفي النحل ثلاثة مواضع هي: (وبنعمت الله هم يكفرون)، (يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها)، (واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون) وهي الأخيرات من السورة.
وفي إبراهيم موضعان هما: (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا)، (وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها) وهما الأخيران من السورة وفي العقود موضع هو الثاني من السورة (يأيها الذين ءامنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم)
وفي لقمان موضع هو: (ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله ) وفي فاطر موضع هو: (يأيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم).
وفي الطور موضع هو: (فما انت بنعمت ربك بكاهن)
وفي آل عمران موضع هو: (واذكروا نعمت الله عليكم إذا كنتم أعداء فألف بين قلوبكم).
وما عدا ذلك فهو بالتاء المربوطة.
نحو: (ومن يبدل نعمة الله من بد ما جاءته بالبقرة ، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، ( أفبنعمة الله يجحدون) الموضعان الأولان من النحل       (وإذا قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم) بإبراهيم          ( واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه) الأول بالعقود كل هذه بالتاء المربوطة.
(لعنت ) وردت في موضعين:
في آل عمران موضع هو: (ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين)
وفي النور موضع هو: (والخامسة أن لعنت الله عليه إن كل من الكاذبين) وما عداهما فبالتاء المربوطة نحو (فلعنه الله على الكافرين)، (أولئك عليهم لعنة الله) كلاهما بالبقرة.
(وامرأت) وردت في سبعة مواضع في أربع سور
وبيانها كالآتي، في يوسف موضعان هما: (وقال نسوة من المدينة امرأت العزيز)، (قالت امرأت العزيز الــن حصحص الحق)
وفي آل عمران موضع هو: (إذ قانت امرأت عمران رب إني)
وفي القصص موضع هو: ( وقالت امرأت فرعون قرت عين لي ولك)
وفي التحريم ثلاثة مواضع هي: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط، وضرب الله مثلا للذين ءامنوا امرأت فرعون)
وقد قال الشيخ المتولي رحمه الله:
وامرأة مع زوجها قد ذكرت               فهاؤها بالتاء رسما وردت
وما عدا ذلك مما لم يضف فهاؤه بالتاء المربوطة نحو (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا) بالنساء.
(معصيت) وردت في موضعين فقط هما.
(ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول) و(فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول) كلاهما بقد سمع وليس في القرآن غيرهما.
(شجرت) وردت في موضع واحد في الدخان هو: (إن شجرت الزقوم طعام الأثيم) وماعداه فالتاء المربوطة نحو: (أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم ) بالصافات.
(سنت) وردت في خسمة مواضع وبيانها كالآتي:
في فاطر ثلاثة مواضع هي: (فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا)
وفي الأنفال: (إن يعودوا فقد مضت سنت الأولين)
وفي غافر: (سنت الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون)
وما عدا هذه الخمسة فبالتاء المربوطة نحو: (سنة من قد ارسلنا قبلك من رسلنا) بالإسراء، ( سنة الله في الذين خلوا من قبل) في موضعين بالأحزاب، و (سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) بالفتح.
(قرت) وردت في موضع واحد في القصص هو (قرت عين لي ولك) وما عداه فبالتاء المربوطة نحو (الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) بالفرقان، و (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) بالسجدة.
(جنت) وردت في موضع واحد في الواقعة هو: (فروح وريحان وجنت نعيم) وما عداه فبالتاء المربوطة نحو (قل أذلك خير أم جنة الخلد) بالفرقان، (واجعلني من ورثة جنة النعيم) بالشعراء.
(فطرت) وردت في الروم فقط (فطرت الله التي فطر الناس عليها) وليس غيرها.
(بقيت) وردت في هود فقط (بقيت الله خير لكم) ولا يوجد بقية مضاف غيرها وما عداه فبالتاء المربوطة وهو منون نح (فيه سكينة نم ربكم وبقية) بالبقرة.
و(ابنت) وردت في التحريم فقط (ومريم ابنت عمران) وليس في القرآن غيرها.
(وكلمت) وردت في الأعراف (وتمت كلمت ربك الحسنى) ولم تقرأ إلا بالأفراد فقط لكن اختلفت المصاحف في كتابتها فجاءت في بعضها بالتاء المفتوحة وهو الأشهر ولم يذكر ابن الجزري غيره وجاءت في البعض الآخر بالتاء المربوطة- فمن وجدها في مصحفه بالتاء المفتوحة وقف عليها بالتاء ونم وجدها بالتاء المربوطة وقف عليها بالهاء وذلك في متابعة المصاحف العثمانية. والله أعلم.
تتمة كل ما جاء في القرآن الكريم من هاء التأنيث مكتوبا بالتاء المربوطة فانه يوقف عليه بالهاء من غير خلاف، وما جاء منها بالتاء المفتوحة كرحمت وأخواتها فانه مختلف فيه بين القراء فبعضهم يقف عليه بالهاء وبعضهم يقف بالتاء لكن حفصا يقف عليه بالتاء من غير خلاف.
ومن ذلك الكلمات الستة االآتية – اللات ، مرضات، ذات ولات حين ، هيهات، يأبت. فقد رسمت كلها بالتاء المفتوحة ويوقف عليها لحفص بالتاء كرسمها.
أما (اللات) هي في قوله تعالى (أفرأيتم اللات) بسورة النجم.
وأما مرضات فمتعددة نحو (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) . ومثل (الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله) كلاهما بالبقرة، (ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله) بالنساء، (تبتغي مرضات أزواجك) بالتحريم.
وأما ذات فمتعددة أيضا نحو (إن الله عليم بذات الصدور) بآل عمران، (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم)- (وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) وكلاهما بالأنفال، (فأنبتنا به حدائق ذات بهجة) بالنمل.
وأما ولات فهي في قوله تعالى (ولات حين مناص) بسورة ص
وأم هيهات فهي في قوله تعالى (هيهات هيهات لما توعدون) الموضعان بسورة المؤمنون.
وأما يأبت فقد تعددت كثيرا في يوسف ومريم والقصص والصافات نحو (يأبت إني رأيت أحد عشر كوكبا) الخ. وليعلم ان الوقف على هاء التأنيث بالهاء هو لغة قريش والوقف بالتاء لغة طيئ.
وهذه هي الكلمات المختلف في قراءاتها بين الأفراد والجمع والتي أشار إليها ابن الجزري بقوله :
...... وكل ما اختلف جمعا وفردا فيه بالتاء عرف
وقد نظمها الشيخ المتولي رحمه الله فقال:
 
وكل ما فيه الخلاف يجري
 
جمعا وفردا فبتاء فارد
وذا جمالت وءايت أتى
 
في يوسف والعنكبوت يافتى
وكلمت وهو في الطول معا
 
أنعامه ثم بيونس معا
والغرفت في سبأ وبينت
 
في فاطر وثمرت فصلت
غيبت الجب وخلف ثاني
 
يونس والطول فع المعاني
 
وعددها سبع كلمات وبيانها كالآتي:
(1)            جمالت: من قوله تعالى (كأنه جمالت صفر) بالمراسلات وليس غيرها.
(2)            ءايت: في موضعين الأول (ءايت للسائلين) بيوسف، الثاني (ءايت من ربه ) بالعنكبوت.
(3)    كلمت: في أربعة مواضع الأول: (وكذلك حقت كلمت ربك) بالطول أي غافر الثاني: (وتمت كلمت ربك) بالأنعام الثالث والرابع: بيونس عليه السلام (وكذلك حقت كلمت ربك على الذين فسقوا)، (إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون).
(4)            الغرفت: من قوله تعالى (وهم في الغرفت ءامنون)
(5)            بينت: من قوله تعالى (فهم على بينات منه ) بفاطر.
(6)            ثمرات: من قوله تعالى (وما تخرج من ثمرات من أكمامها) بفصلت.
(7)    غيبت: في موضعين بيوسف عليه السلام (وألقوه في عيبت الجب) فهذه الكلمات السبعة وقع فيها اختلاف القراء بين الأفراد والجمع في المواضع المذكورة وكلها رسمت بالتاء المفتوحة على قراءة الأفراد وعلى قراءة الجمع إلا موضعين اثنين منها هما: (إن الذين حقت عليهم كلمت بك لا يؤمنون) الموضع الثاني بيونس (وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا) بغافر فكتبا في بعض المصاحف بالتاء المفتوحة وفي بعضها بالتاء المربوطة. ولذا قام الناظم:
...... وخلف ثاني ... يونس والطول فع المعاني
وليعلم أن الخلاف في رسمهما أنما هو على قراءة الأفراد أما على قراءة الجمع فإنه لا خلاف في رسمهما بالتاء المفتوحة.
باب الإثبات والحذف
هذا الباب متعلق بالرسم أيضا وهو خاص بحروف المد الثلاثة الواقعة طرفا في الكلمة وبعدها ساكن نحو (ويمح الله البطل) بالشورى و (ننج المؤمنين) بيونس (ويأيه الساحر)  بالزخرف – فهذه أمثلة لما حذف منه حرف المد رسما. والأصل هو الإثبات، والحذف عارض لأسباب أقربها هو الاكتفاء بالحركة التي قبل الحرف المحذوف أي أن الضمة تدل على الواو بعد حذفها والفتحة تدل على الألف بعد حذفها والكسرة تدل على الياء بعد حذفها- وكثيرا ما يوجد ذلك في كلام العرب ولتوضيح ذلك نقول.
كل ياء حذفت في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين فإنها ثابتة رسمها ووقفا مثال ( ولا تسقي الحرث) و(حاضري المسجد الحرام) و(يؤتى الحكمة من يشاء) ثلاثتها بالبقرة، (وكذلك ننجي المؤمنين) بالأنبياء و (بما كسبت أيدي الناس) بالروم فالياء في هذه الأمثلة ثابتة رسما. وإذا ما اضطر القارئ للوقف على شيء منها وقف بإثباتها فيقول:
(ولا تسقي، حاضري، يؤتى، وننجي، بما كست أيدي) إلا كلمات معينة حذفت منها الياء رسما ووقفا وهي ثلاث عشرة كلمة بعضها متعدد وبعضها غير متعدد وهي مبينة فيما يلي: (واستمع يوم يناد المناد) بسورة ق، (حقا علينا ننج المؤمنين) بيونس، (واخشون اليوم أكملت لكم دينكم) بالمائدة، (وسوف يؤت الله المؤمنين) بالنساء، و (بالواد المقدس بطه والنازعات، و (نودي من شاطئ الواد الأيمن) بالقصص، و(حتى إذا أتوا على واد النمل) بسورتها، (وله الجوار المنشئات) بالرحمن، و (الجوار الكنس) بالتكوير، (وإن الله لهاد الذين ءامنوا) بالحج، (وما أنت بهاد العمى) بالروم، و (وإلا من هو صال الجحيم) بالصافات، و (فما تغن النذر) بالقمر، و (إن يردن الرحمن) بيس، و (قل يعباد الذين ءامنوا) ، و (فبشر عباد الذين يستمعون القول) كلاهما بالزمر.
فالياء في الكلمات المتقدمة محذوفة رسما: وإذا ما اضطر القارئ للوقف على شيء منها وقف بحذفها تبعا للرسم فيقول: (يناد ، ننج ، اخشون ، يؤت ، بالواد، على واد وله الجوار، لهاد، بهد، صال، فمن تغن، إن يرد، يعباد.)
وكل واو حذفت في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين فإنها ثابتة رسما ووقفا مثال: (ولا تسبوا الذين يدعون).
بالأنعام و (يمحوا الله ما يشاء ) بالرعد، و(مرسلوا الناقة) بالقمر. وإذا ما اضطر القارئ للوقف على شيء منها فإنه يقف بإثبات الواو لثبوتها رسما فيقول: (ولا تسبوا ، يمحوا ، مرسلوا).
إلا خمس كلمات حذفت منها الواو رسما ولفظا وهي:
(ويمح الله البطل) بالشورى، و(يوم يدع الداع) بالقمر، (ويدع الإنسن) بالإسراء، و(سندع الزبانية) بالعلق فهذه الأربعة المتقدمة أفعال والخامس اسم وهو: (وصالح المؤمنين)، بالتحريم وذلك عند من اعتبره جميع مذكر حذفت نونه للإضافة وواوه للرسم.
وإذا ما اضطر القارئ للوقف على شيء منها وقف بالحذف تبعا للرسم فيقول: (ويمح ، يدع ، سندع، وصالح )
وكل ألف حذفت في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين فإنها ثابتة رسما ووقفا مثال: (كلتا الجنتين) بالكهف، و(وقلنا أحمل فيها ) بهود، (وقالا الحمد لله) بالنمل، فالألف في هذه الأمثلة ثابتة رسما وإذا ما اضطر القارئ للوقف على شيء منها وقف بإثباتها فيقول: (كلتا، قلنا، وقالا)
إلا ثلاثة مواضع حذفت منه الألف رسما ووقفا وهي:
(أية الثقلان) بالرحمن، و(أية المؤمنون ) بالنون، و(يأيه الساحر) بالزخرف. يحذف الألف في المواضع الثلاثة.
وإذا ما اضطر القارئ للوقف على شيء منها وقف بالحذف تبعا للرسم فيقول: (ايه) بدون ألف.
أما كلمة (سلا سلا) بالإنسان، وكلمة ءاتن من قوله تعالى: (فما ءاتن الله) بالنمل، ففي الوقف عليهما وجهان حذف الألف وإثباتها في (سلاسلا)، وحذف الياء وإثباتها في (ءاتن الله) وفي الوصل بحذف الألف من (سلا سلا)، وبإثبات الياء مفتوحة في (ءاتن الله).
هذا وتثبت الألف وقفا وتحذف وصلا في الكلمات الآتية:
1-لكنا في قوله تعالى (لكنا هو الله ربي ) بالبقرة.
2-أنا حيثما وقعت نحو (قال أنا أحي وأميت) بالبقرة
3-قواريرا في قوله تعالى (كانت قواريرا) الموضع الأول بالإنسان، أما الموضع الثاني وهو (قواريرا من فضة) فبحذف الألف وصلا ووقفا ولو أنها ثابتة رسما.
4-السبيلا من قوله تعالى (فأضلوا السبيلا).
5-الرسولا من قوله تعالى (وأطعنا الرسولا).
6-الظنونا من قوله تعالى (وتظنون بالله الظنون) ثلاثتها بالأحزاب.
أما (ثمودا) فألفة محذوفة وصلا ووقفا ولو أنها ثابتة رسما وذلك في قوله تعالى (ألا إن ثمودا كفروا ربهم) بهود (وثمودا وأصحاب الرس) بالفرقان (وثمودا وقد تبين ) بالعنكبوت (وثمودا فما أبقى) بالنجم.
وقد أشار شيخنا إبراهيم شحاته في كتابه لآلئ البيان إلى ذلك كله فقال :
 
ووقف معجزي محلي حاضري
آتى المقيمي مهلكي باليادري
وحذفها من قبل ساكن رسا
عنـد ينـاد مع ننـج يونـسا
واخشون مع يؤت النسا الواد
وواد والجـوار مـع لــهاد
وهاد روم صال تغن بالقمر
يردن مـع عبـاد أولى زمـر
وحذف واو في ويمح يدع
الـداع والإنسان مــع سندع
وصالح التحريم مثل الألف
في أية الرحمن نور الزخرف
وفي سلاسلا وما آتان قف
بالحذف والإثبات في اليا الألف
وقف بها في لفظ لكنا أنا
كانـت قوارير السبيـل ربنا
وقبله الرسول والظـنونا
وصل بحذفـها تكن مصونا
 
(كلمات مخصوصة تجدر الإشارة إليها لحفص)
1-(يبصط): من قوله تعالى (والله يقبض ويبصط) بالبقرة .
2-(بصطة): من قوله تعالى (وزادكم في الخلق بصطة) بالأعراف كلاهما يقرأ بالسين فقط.
3-(المصيطرون): من قوله تعالى ( أم هم المصيطرون) بالطور يقرأ بالوجهين السين والصاد معا.
4-(بمصيطر): من قوله تعالى (لست عليهم بمصيطر) بالغاشية يقرأ بالصاد فقط.
5-(مجرـها):  من قوله تعالى (وقال اركبوا فيها بسم الله مجرـها ومرسها) بهود تقرأ بالإمالة وهي أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة وبالألف نحو الياء.
6-(تأمنا): من قوله تعالى (مالك لا تأمنا) بيوسف تقرأ بالروم أو بالإشمام في النون الأولى المدغمة في الثانية.
7-و8 – (وما أنسنيه): بالكهف (عليه الله) بالفتح كلاهما يقرأ بضم هاء الضمير.
(فيه مهانا) بالفرقان تقرأ بإشباع هاء الضمير.
9- (ضعف وضعفا): من قوله تعالى (الله الذين خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة) بالروم كلاهما يقرأ بفتح الضاد وضمها في الآية المذكورة.
10- (الاسم ): من قوله تعالى ( بئس الاسم الفسوق)
11- (ءأعجمي): من قوله تعالى (ءأعجمي وعربي)
بفصلت يقرأ بتسهيل الهمزة الثانية بينها وبين الألف.
ويعرف كل ذلك بالمشافهة أي بالتلقي عن الثقات المحققين.
(الأيدي): من قوله تعالى (أولى الأيدي) بسورة ص يقرأ بإثبات الياء وصلا ووقفا لأنها جمع يد.
(الأيد): من قوله تعالى (أولى الأيدي) بسورة ص يقرأ بإثبات الياء وصلا ووقفا لأنها جمع يد.
(الأيد): من قوله تعالى ( واذكر عندنا داود ذا الأيد) بسورة ص أيضا تقرأ بدون ياء لأنها مفرد بمعنى القوة. وليعلم أنه قد تقدمت الإشارة إلى بعض هذه الكلمات عند الكلام على باب قصر المنفصل وما يترتب عليه في الجزء الثاني.
ملحوظة ولد حفص سنة 90 هـ وتوفى سنة 180 هـ وبهذا يكون قد عاش تسعين سنة قمرية رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن أهل القرآن خير الجزاء.
 
 
 
 
 
باب همزتي الوصل والقطع
همزة الوصل هي التي تثبت ابتداء وتسقط وسلا وسميت همزة الوصل بذلك لأنه يتوصل بها إلى الساكن الواقع في ابتداء الكلام عند إرادة النطق به لأن الأصل في الابتداء أن يكون بالحركة، وتقع هذه الهمزة في أول الكلام ولا تكون إلا متحركة.
وهمزة القطع هي التي تثبت في الحالين أعني في البدء والوصل معا وسميت بذلك لأنها تقطع بعض الحروف عن بعض عند النطق بها، وتقع في أول الكلام وفي وسطه وفي آخره وتكون في الاسم والفعل والحرف، أما همزة الوصل فإنها تقع في الأول فقط بل وفي مواضع معينة وقد أشار إليهما الإمام بقوله :
وهمزه تثبت في الحـالين       همزة قطع نحـو أبيضـين
وهمزة تثبت في البدء فقط      همزة وصل نحو قولك النمط
وهمزة الوصل لا تقع في الأسماء من حيث اللغة إلا في اثني عشر اسما تسعة منها واردة في القرآن الكريم أحدها: مصدر الخماسي كافتراء. ثانيها: مصدر السداسي كاستكبارا. ثالثها: ابن نحو قوله تعالى: (أن ابني من أهلي) رابعها: ابنة نحو (ابنت عمران)، خامسها: أمرا نحو (ما كان أبوك أمرأ سوء) ، (كل أمرئ بما كسب رهين)، (إن أمرؤ هلك) ، سادسها: امرأة نحو (أن أمرأة خافت من بعلها)، سابعها: اثنين نحو (لا تتخذوا إلهين اثنين)، ثامنها اثنتين نحو (فإن كانتا اثنتين) ، تاسعهااسم نحو(سبح اسم ربك الأعلى) ، (اسمه أحمد)، أما الثلاة الباقية الواردة في اللغة وليس في القرآن شيء منها فأولها است وهو العجُز ثانيها ابنم أي ابن بزيادة ميم ثالثها ايمن بمعنى القسم نحو أيمن الله لا فعلن الخير ، وقد اختلف علماء النحو فيها فقال فريق أنها اسم وقال آخرون أنها حرف والصحيح الأول.
وتحرك همزة الوصل بالكسر في كل ما تقدم سوى كلمة أيمن فإنها تحرك فيها بالفتح كما ورد في مختار الصحاح.
وتقع همزة الوصل أيضا في الفعل الماضي الخماسي والسداسي وأمرهما ومصدرهما نحو انطلق واستعلي وكذا أمر الثلاثي نحو اضرب، ولا تأتي في المضارع مطلقا ولا في الماضي الثلاثي ولا الرباعي ولا أمره، وحكمها في هذه الأفعال كلها. ماضية كانت أو أمرا وجوب الضم أن كان ثالث الفعل مضموما ضما لازما نحو استهزئ، ادع، اضطر، اخرج. أم إذا كان ثالث الفعل مفتوحا نحو استغفر لهم، أو مكسورا نحو انفروا خفافا وثقالا. أو كان مضموما ضما عارضا نحو اقضو، أمضو، امشوا، فحكمها في ذلك وجوب الكسر ودليل عروض الضم في اقضوا وما بعدها هو أنك لو خاطبت بأحد هذه الأفعال المفرد أو الاثنين فقلت اقض واقضيا فإنه يزول الضم.
 
وقال شيخنا إبراهيم شحاته:
وحينما يعرض فاكسر يا أخي
                        في ابنوا مع ائتوني مع امشوا اقضوا إلىّ
ثم إن همزة الوصل لا تقع في الحروف في القرآن الكريم إلا في ال، نحو والقمر وقد أشار ابن الجزري رحمه الله إلى حكم همزة الوصل بقوله :
وابدأ بهمز الوصل من فعل بضم
                               إأن كان ثالث من الفعل يضم
واكسره حال الكسر والفتح وفي
                               الأسماء غير اللام كسرها وفي
ابن مـع ابنه أمرئ واثــنين
                               وامـرأة واسـم مـع اثـنتين
 
 
 
 
حذف همزة الوصل وثبوتها
 تحذف همزة الوصل بعد همزة الاستفهام وجوبا في خمس كلمات هي (قل أتخذتم) بالبقرة، (أطلع الغيب) بمريم، (أفترى على الله كذبا) بسورة سبأ، (أصطفى البنات) بالصافات، (أستغفرت لهم) بالمنافقين.
وحرم الله الإمام الطيبي حيث قال:
وهمز وصل إن عليه دخلا
                                 همزة الاستفهام أبدل سهلا
إن كان همز ال إلا فاحذفا
                                  كأتخذتم أفترى وأصطفى
فتلخص مما ذكر أن المواضع الخمسة المذكورة يجب حذف همزة الوصل فيها،
أما همزة الوصل الواقعة بين همزة الاستفهام واللام الساكنة. فلا تحذف وإنما تبدل ألفا مع المد المشبع أو تسهل بينها وبين الألف وجاءت في القرآن الكريم في ستة مواضع (ءالذكرين ) موضعي الأنعام (ءالن) موضعي يونس (ءالله أذن لكم ) بيونس أيضا (ءالله خير) بسورة النمل.
وقد ضبط هذا الباب الأمام النحوي محمد بن عبدالله بن مالك بقوله:

 

للوصل همزة سابق لا يثبت
إلا إذا ابتدى به كاستثبتوا
وهو لفعل ماض احتوى على
أكثر من أربعة نحو انجلى
والأمر والمصدر منه وكذا
أمر الثلاثي كاخش وامض وانفذا
وفي اسم است ابن ابنم سمع
واثنين وامرئ وتأنيث تبع
وايمن همز أل كذا ويبدل
مدا في الاستفهام أو يسهل
 
فصل في أمور يحرم فعلها
مما يجب البعد عنه هو ما ابتدعه كثير من القراء في زماننا هذا من أمور يحرم فعلها في القراءة وهي عدم الاعتناء بأحكام التجويد وعدم تحرى الدقة في الوقف والابتداء، وكذلك التعسف أو الميوعة في الأداء مما يؤدي إلى خروج الحرف من غير مخرجه وعدم اتصافه بالصفات اللازمة له .
وكذا ادعاء العلم بروايات وقراءات دون تلق ولا توقيف عن شيوخ عارفين ضابطين للقرآن والقراءات بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأيضا تنفسه أثناء القراءة، وجمعه بعض الروايات للآية الواحدة أو الجزء منها دون تنفس بين الرواية والأخرى. كل هذا يشوه جمال القرآن وحروفه. ومن البدء المحرمة أيضا قراءة بعض الناس سورة أو جزءا منها مجتمعين على صوت واحد كما يحث في المساجد وغيرها فيبدأ أحدهم بجزء من الآية ويقوم الآخر بإكمالها الأمر الذين يتنافى مع قدسية القرآن وجلاله .
نسأل الله الكريم أن يعذنا من كل هذا وأن يغفر لنا ولكل من ابتلى بشيء من هذه المحرمات في ما مضى وأن يوفقنا إلي الصواب فيما بقى من عمرنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
 
فصل في أحوال السلف الصالح
عند ختم القرآن الكريم
كان بعض السلف الصالح إذا ختم القرآن أمسك عن الدعاء اكتفاء بما في القرآن منه – ولجأ إلى الاستغفار مع الخجل والحياء اعترافا بالتقصير وخوفا من العلي القدير- ومنهم من كان إذا ختم القرآن أردف الختام مباشرة بقراءة الفاتحة وأول البقرة حتى قوله تعالى (وأولئك هم المفلحون) ومنهم من كان إذا ختم القرآن دعا بما شاء من الأدعية أو الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم: وهو: اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك وأبناء إمائك نواصينا بيدك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أوعلمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تصلى على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك وأن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور أبصارنا وشفاء صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا وسائقنا وقائدنا إليك وإلى جناتك جنات النعيم دارك دار السلام مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم اجعله لنا شفاء وهدى وإماما ورحمة وأرزقنا تلاوته عل النحو الذي يرضيك عنا. ولا تجعل لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا دينا إلا قضيته ولا مريضا إلا شفيته ولا عدوا إلى كفيته ولا غائبا إلا رددته ولا عاصيا إلا عصمته ولا فاسدا إلى أصلحته ولا ميتا إلا رحمته ولا عيبا إلا سترته ولا عسيرا إلا يسرته ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضى ولانا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها في يسر منك وعافية برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
وإلى هنا – وبانتهاء المرحلة الأولى من دار القرآن الكريم يتم الضروري من أحكام التجويد – والله أعلم.
 
 
 
 
 
خاتمة الطبع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بحمده تدوم النعم، والصلاة والسلام على نبيه محمد سيد العرب والعجم، وعلى آله وأصحابه أولي العزائم والهمم. وبعد؛
فإنني لأحمد الله وأشكره على ما أمدني به من نعمة العون والتوفيق حتى أنجزت مهمتي وهي تعديل هذا الكتاب بأجزائه الثالثة.
كي يتمشى مع حاجة الطلاب من الإيجاز فيما يحتاج للإيجاز ومن الإطناب فيما يحتاج إلى الإطناب مع الترتيب والتنسيق لكل الأبواب والفصول والكلمات مما سيلمسه القارئ للكتاب بمشيئة الله تعالى
ويجدر بي أن أتقدم بالشكر والعرفان لكل الإخوة العاملين بمطبعة الموسوعة الفقهية على تعاونهم وتفانيهم كل فيما يخصه وأخص بالذكر السيد/ محمد خلفية العطار مدير المطبعة فجزاهم الله خير الجزاء. ووصلى الله وسلم على سيدنا محمود وعلى آله وأصحابه أجمعين. والحمد لله رب العالمين.
 
 عبد الرؤف محمد سالم
 المدرس بدار القرآن الكريم
بوزارة الأوقاف والشؤن الإسلامية
وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية - إدارة الدراسات الإسلامية