إدارة الدراسات الإسلامية
EN ع

أمهات المؤمنين و زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

تكريمًا للرفعة والمنزلة، وتتويجًا للفضل والعطاء، وتقديرًا للدور العظيم في مسيرة الدعوة الإسلامية، جاءت الكنية "أُمَّهات المؤمنين" لتكون وسامًا على صدور زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللائي تزوَّج بهن، وذلك في نحو قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6]، وكان الهدف من إطلاق هذه الكنية عليهن تقرير حرمة الزواج بهن بعد مفارقته صلى الله عليه وسلم لهن، وهو الحكم الوارد في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: 5و في هذا المقال الموجز نتعرف على زوجات النبي صلى الله عليه و سلم و نتناول سيرتهن، و نبدأ بأول امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه و سلم و هي:

1-السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها:

هي أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد بن أسدٍ بن عبد العزَّى بن قصي القرشية الأسدية، وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم . ولدت بمكة سنة 68 ق.هـ، وكانت من أعرق بيوت قريشٍ نسبًا وحسبًا وشرفًا. يلتقي نسبها بنسب النبي صلى الله عليه وسلم في الجد الخامس، فهي أقرب أمهات المؤمنين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أول امرأة تزوَّجها، وأول خلق الله أسلم بإجماع المسلمين.
وكان قد قُدِّر لخديجة -رضي الله عنها- أن تتزوج مرتين قبل أن تتشرَّف بزواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مات عنها زوجاها، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الوحي، وعاشت معه خمسًا وعشرين سنة؛ فقد بدأ معها في الخامسة والعشرين من عمره، وكانت هي في الأربعين، وظلا معًا إلى أن توفاها الله وهي في الخامسة والستين،وكانت أم ولده الذكور والإناث إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية رضي الله عنها، فكان له منها صلى الله عليه وسلم: القاسم وبه كان يُكنَّى، وعبد الله، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة.
خديجة.. نصير رسول الله

وهذه السمة من أهم السمات التي تُميِّز شخص السيدة خديجة رضي الله عنها، تلك المرأة التي وهبت نفسها ومالها وكلّ ما ملكت لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ويكفي في ذلك أنها آمنت بالرسول صلى الله عليه وسلم وآزرته ونصرته في أحلك اللحظات التي قلما تجد فيها نصيرًا أو مؤازرًا أو معينًا.ولا شك أن امرأة بمثل هذه الأوصاف لا بد أن يكون لها منزلة رفيعة، فها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يعلن في أكثر من مناسبة بأنها خير نساء الجنة؛ فقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون".

* وفاتها
تاقت روح السيدة خديجة -رضي الله عنها- إلى بارئها، وكان ذلك قبل هجرته إلى المدينة المنورة بثلاث سنوات، ولها من العمر خمس وستون سنة، وأنزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه في حفرتها، وأدخلها القبر بيده.

2- سودة بنت زمعة رضي الله عنها:

أمُّ المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس، وأمها الشموس بنت قيس بن عمرو،تزوَّجها قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمٍّ لها هو: السكران بن عمرو بن عبد شمس، أخو سهل وسهيل وسليط وحاطب، ولكلهم صحبة، وهاجر بها السكران إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، ثم رجع بها إلى مكة فمات عنها. وتعدُّ السيدة سودة أوَّل امرأة تزوَّجها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد خديجة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمسين من عمره، ولما سمع الناس في مكة بأمر هذا الزواج عجبوا؛ لأن السيدة سودة لم تكن بذات جمال ولا حسب، ولا مطمع فيها للرجال، وقد أيقنوا أنه إنما ضمَّها رفقًا بحالها، وشفقة عليها، وحفظًا لإسلامها، وجبرًا لخاطرها بعد وفاة زوجها إثر عودتهما من الحبشة، وكأنهم علموا أنه زواج تمَّ لأسباب إنسانيَّة

* وفاتها:
توفيت أم المؤمنين سودة بنت زمعة -رضي الله عنها- في آخر زمان عمر بن الخطاب، ويقال: ماتت -رضي الله عنها- سنة 54هـ

3- حفصة بنت عمر رضي الله عنها:

هي حفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عدي بن كعب بن لؤي. وُلِدَتْ حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، وحفصة -رضي الله عنها- أكبر أولاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد ورد أن حفصة أسنُّ من عبد الله بن عمر، وكان مولدها قبل الهجرة بثمانية عشر عامًا.
حياتها قبل النبي صلى الله عليه وسلم:
تزوَّجت حفصة -رضي الله عنها- من خُنَيْس بن حذافة السهمي، وقد دخلا الإسلام معًا، ثم هاجر خُنَيْس رضي الله عنه إلى الحبشة في الهجرة الأولى، التي كانت مكوَّنة من اثني عشر رجلاً وأربع نسوة، يرأسهم عثمان بن عفان رضي الله عنه ومعه السيدة رقيَّة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم هاجر خُنَيْس بن حُذافة رضي الله عنه مع السيدة حفصة –رضي الله عنها- إلى المدينة، وقد شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا، ولم يشهد من بني سهم بدرًا غيره، وقد توفي رضي الله عنه متأثِّرًا بجروح أُصيب بها في بدر. وقد تزوَّج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة في شعبان على رأس ثلاثين شهرًا، قبل أُحُد، وقيل: تزوَّجها رسول الله صلى الله عليه و سلم في سنة ثلاث من الهجرة.

*حديثها:
روت -رضي الله عنها- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ستِّين حديثًا، اتَّفق البخاري ومسلم على ثلاثة، وانفرد مسلم بستَّة، وقد روى عنها جماعة من الصحابة والتابعين؛ كأخيها عبد الله، وابنه حمزة، وزوجته صفية بنت أبي عبيد، وحارثة بن وهب، والمطلب بن أبي وداعة، وأمُّ مبشر الأنصارية، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبد الله بن صفوان بن أمية، والمسيِّب بن رافع... وغيرهم، ومسندها في كتاب بقيّ بن مخلد ستُّون حديثًا
ومن أهمِّ ما تُرِكَ عندها صحائف القرآن الكريم، التي كُتبت في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه بإشارة من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد اعتمد عثمان بن عفان رضي الله عنه على صحائف القرآن الكريم التي كانت موجودة عندها -رضي الله عنها- في كتابة مصحف واحد للأمصار الإسلاميَّة.

*وفاتها:
تُوُفِّيَتْ -رضي الله عنها- في شعبان سنة 45هـ، على أرجح الروايات

4-  عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها:

هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأشهر نسائه. ولدت -رضي الله عنها- سنة تسع قبل الهجرة، كنيتها أم عبد الله، ولُقِّبت بالصِّدِّيقة، وعُرِفت بأم المؤمنين، وبالحميراء لغلبة البياض على لونها. وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية رضي الله عنها.

ولدت عائشة -رضي الله عنها- في الإسلام ولم تدرك الجاهلية، وكانت من المتقدمين في إسلامهم؛ فقد روى البخاري ومسلم عن عروة بن الزبير أن عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: "لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين".

* قصة زواجها من النبي
في بيت الصدق والإيمان ولدت، وفي أحضان والدَيْنِ كريمين من خيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تربت، وعلى فضائل الدين العظيم وتعاليمه السمحة نشأت وترعرعت. وقد تمت خطبتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت سبع سنين، وتزوجها وهي بنت تسع؛ وذلك لحداثة سنها، فقد بقيت تلعب بعد زواجها فترة من الزمن.
روي عنها أنها قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب بالبنات، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قلت: خيل سليمان. فضحك.
وقد أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة كثيرًا، فكان يوصي بها أمها أم رومان قائلاً: "يا أم رومان، استوصي بعائشة خيرًا واحفظيني فيها". 
وبعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، لحقته العروس المهاجرة إلى المدينة المنورة، وهناك اجتمع الحبيبان، وعمّت البهجة أرجاء المدينة المنورة، وأهلت الفرحة من كل مكان؛ فالمسلمون مبتهجون لانتصارهم في غزوة بدر الكبرى، واكتملت فرحتهم بزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة. وقد تمَّ هذا الزواج الميمون في شوال سنة اثنتين للهجرة، وانتقلت عائشة إلى بيت النبوة.

* أهم ملامح شخصيتها
الكرم والسخاء والزهد
أخرج ابن سعد من طريق أم درة قالت: أتيت عائشة -رضي الله عنها- بمائة ألف ففرقتها وهي يومئذ صائمة، فقلت لها: أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحمًا تفطرين عليه!! فقالت: لو كنت أذكرتني لفعلت.
 
* العلم الغزير
فقد كان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض؛ قال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة -رضي الله عنها- من أفقه الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة. قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديث قَطُّ، فسألنا عنه عائشة -رضي الله عنها- إلا وجدنا عندها منه علمًا.
 وقال عروة بن الزبير بن العوام: ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام، والعلم، والشعر، والطب من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها
مكانة خاصة
‏أخرج البخاري في صحيحه عن ‏أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه ‏قال: ‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:‏ "‏كَمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا ‏مريم بنت عمران، ‏وآسية امرأة فرعون، ‏وفضل ‏عائشة ‏على النساء كفضل ‏الثريد ‏على سائر الطعام".
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه ‏عن ‏عائشة -رضي الله عنها- ‏أنها قالت: "كان الناس ‏‏يتحرّون ‏بهداياهم يوم ‏عائشة؛ ‏يبتغون ‏بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ‏أبي سلمة أنه قال:‏ ‏إن ‏عائشة -رضي الله عنها- ‏قالت: ‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا: "‏يا ‏عائش، ‏هذا ‏جبريل ‏يقرئك السلام". فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى. تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

*وفاتها
قيل: إنها توفيت سنة ثمانٍ وخمسين، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، أمرت أن تدفن ليلاً، فدفنت بعد الوتر بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه ، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير، والقاسم بن محمد، وعبد الله بن محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر (رضي الله عنهم أجمعين).


5- زينب بنت خزيمة رضي الله عنها
هي زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلاليَّة، وهي أمُّ المساكين، وكانت تسمى بذلك في الجاهلية؛ لرحمتها إياهم ورقَّتها عليهم.

*حياتها قبل النبي:
وقد قامت السيدة زينب بنت خزيمة -رضي الله عنها- بدَوْرٍ بارز مع نساء المسلمين في موقعة بدر، في خدمة الجرحى وتضميدهم، وتقديم الطعام والماء لهم، وقد استشهد زوجها عبد الله بن جحش رضي الله عنه في غزوة أُحد.
زواجها من رسول الله:
علم النبي صلى الله عليه وسلم بترمُّلها، فرقَّ لحالها، وتزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الثالث من هجرته صلى الله عليه وسلم، وأصدقها اثنتي عشرة أوقية وَنَشًّا، وكان تزويجه إيَّاها في شهر رمضان على رأس واحد وثلاثين شهرًا من الهجرة.

*وفاتها:
لم تمكث أمُّ المؤمنين زينب بنت خزيمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً؛ فقد لبثت عنده ثمانية أشهر أو أقلَّ، وماتت بالمدينة، وعمرها -رضي الله عنها- نحو ثلاثين سنة

6- زينب بنت جحش رضي الله عنها:
هي زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدية

*زواجها من رسول الله:
رُوِيَ عن علي بن الحسين: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أوحى الله تعالى إليه أن زيدًا يطلِّق زينب، وأنه يتزوَّجها بتزويج الله إيَّاها، فلمَّا تشكَّى زيدٌ للنبي صلى الله عليه وسلم خُلُقَ زينب، وأنها لا تطيعه، وأعلمه أنه يريد طلاقها، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على جهة الأدب والوصيَّة: "اتَّقِ اللهَ فِي قَوْلِكَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ". وهو يعلم أنه سيفارقها ويتزوَّجها، وهذا هو الذي أخفى في نفسه، ولم يُرِدْ أن يأمره بالطلاق لما علم أنه سيتزوَّجها، وخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَلْحَقه قولٌ من الناس في أن يتزوَّج زينب بعد زيد، وهو مولاه، وقد أمره بطلاقها، فعاتبه الله تعالى على هذا القدر من أن خشي الناس في شيء قد أباحه الله له، بأن قال: "أَمْسِكْ". مع علمه بأنه يطلِّق، وأعلمه أن الله أحقَّ بالخشية، أي في كل حال.

*مكانتها وفضلها
كانت -رضي الله عنها- تحتلُّ من المكانة العالية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جعل أمَّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تعترف بذلك، فكانت تقول عنها -رضي الله عنهما-: كانت زينب هي التي تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ولم أرَ امرأة قطُّ خيرًا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشدَّ ابتذالاً لنفسها في العمل الذي يُتصدَّق به، ويُتقرب به إلى الله عز وجل، ما عدا سورة من حدَّة كانت فيها، تُسرع منها الفيئة.
 وقد وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها أوَّاهة، فقال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إِنَّ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَوَّاهَةٌ". فقال رجل: يا رسول الله، ما الأوَّاه؟ قال: "الْخَاشِعُ الْمُتَضَرِّعُ، {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ}

*وفاتها
تُوُفِّيَتْ أمُّ المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها- في خلافة عمر بن الخطاب في عام عشرين من الهجرة، وقيل: في عام واحد وعشرين من الهجرة، وهي ابنة ثلاث وخمسين سنة

7- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها:
أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان؛ صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأمويَّة (25 ق.هـ- 44هـ/ 596- 664م)، وأُمُّها صفية بنت أبي العاص بن أمية عمَّة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
هاجرتْ أمُّ حبيبة مع زوجها عبيد الله بن جحش إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية فَوَلَدَتْ له حبيبة، وبها تُكنى رضي الله عنها، وفي الحبشة تنصَّر عبيد الله، وثبتَتْ هي على الإسلام
تزوَّج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة أمَّ حبيبة في العام السابع من الهجرة النبويَّة المشرَّفة، وكان زواجه منها صلى الله عليه وسلم تكريمًا لها على ثباتها في دين الله. فهذه المرأة المهاجرة بدينها وولدها لم يُزعزعها أَلَمُ الفراق بينها وبين زوجها وعائلها في بلد يبعد آلاف الأميال عن بلدها، وإنما حاولتْ بكل ما أُوتيتْ من قوَّة أن تثني زوجها عن تغيير عقيدته إلى عقيدة التوحيد، لكنَّه أصرَّ وتولَّى، فصبرتْ وشكرتْ، فكافأها الله بزواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعلها أُمًّا للمؤمنين.

*وفاتها
عند وفاتها تجسَّدت فيها -رضي الله عنها- رُوح الحبِّ والأُلْفَة بينها وبين أُمَّهات المؤمنين الباقيات، عندما طلبت من السيدة عائشة أن تحللها من أي شيء فحللتها، واستغفرت لها، وماتت بالمدينة سنة أربع وأربعين عن ثمانٍ وستين سنة، في خلافة أخيها معاوية بن أبي سفيان

8- صفية بنت حيي رضي الله عنها
هي صفيَّة بنت حُيَيِّ بن أخطب بن شعبة بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب بن النضير بن النحام بن تحوم من بني إسرائيل من سبط هارون بن عمران (9 ق.هـ- 50هـ/ 613- 670م). وأُمُّها بَرَّة بنت سموءل، كانت صفيَّة بنت حيي عند سلاَّم بن مشكم، وكان شاعرًا، ثم خلف عليها كنانة بن أبي الحُقَيْق وهو شاعر قُتل يوم خيبر

*زواجها من رسول الله
إن يهود خيبر رفضوا دعوة السلام والتعايش التي وثَّقها النبي صلى الله عليه وسلم منذ قدومه المدينة مع يهودها، فقامت الحرب بين الطرفين، وانتصر المسلمون على يهود خيبر، ولمَّا جُمِعَ السبي بعد فتح خيبر جاء دِحية الكلبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، أعطني جارية من السبي. قال: "اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً". فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، أعطيتَ دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير، لا تصلح إلا لك. قال: "ادْعُوهُ بِهَا". فجاء بها، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ غَيْرَهَا". قال: فأعتقها النبي صلى الله عليه وسلم وتزوَّجها
تكريم النبي لها
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حليمًا بالسيدة صفيَّة -رضي الله عنها- محبًّا ومُكرمًا لها؛ فقد بلغ صفيَّةُ أن حفصة -رضي الله عنها- قالت: بنتُ يهوديٍّ. فبكتْ، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال: "مَا يُبْكِيَكِ؟" قالت: قالت لي حفصة بنت عمر إني ابنة يهودي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكِ لابْنَةُ نَبِيٍّ، وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ، وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ، فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ". ثم قال: "اتَّقِي اللهَ يَا حَفْصَةُ

*مروياتها ووفاتها
روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنها ابن أخيها، ومولياها: كنانة، ويزيد بن معتب. وعلِيّ بن الحسين بن علِيٍّ، ومسلم بن صفوان، وإسحاق بن عبد الله بن الحارث. وتُوُفِّيَتْ -رضي الله عنها- سنة (50 هـ/ 670م) في زمن معاوية رضي الله عنه، ودُفِنَتْ بالبقيع

9- ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها :
هي ميمونة بنت الحارث بن حَزْن بن بُجَير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال (29 ق.هـ- 51هـ/ 593- 671م). وأُمُّها: هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة بن حمير. وقد وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم وأخواتها بالمؤمنات؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأَخَوَاتُ مُؤْمِنَاتٌ: مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ، وَأُمُّ الْفَضْلِ بنتُ الْحَارِثِ، وسَلْمَى امْرَأَةُ حَمْزَةَ، وَأَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ هِيَ أُخْتُهُنَّ لأُمِّهِنَّ"

*زواجها من رسول الله
لما تأيَّمت ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- عرضها العباس رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم في الجُحْفَة، فتزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنى بها بسَرِف على عشرة أميال من مكة، وكانت آخر امرأة تزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك سنة سبع للهجرة (629م) في عمرة القضاء ،وقد حقَّق النبي صلى الله عليه وسلم بزواجه من السيدة ميمونة -رضي الله عنها- مصلحة عُلْيَا، وهي أنه صلى الله عليه وسلم بهذه المصاهرة لبني هلال كَسَبَ تأييدهم، وتألَّف قلوبهم، وشجعهم على الدخول في الإسلام، وهذا ما حدث بالفعل، فقد وجد النبي صلى الله عليه وسلم منهم العطف الكامل والتأييد المطلق، وأصبحوا يدخلون في الإسلام تباعًا، ويعتنقونه طواعيةً واختيارًا

*وقد تُوُفِّيَتْ -رضي الله عنها- بسَرِف بين مكة والمدينة، حيث بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك سنة 51هـ/ 671م، أكَّد ذلك ابن حجر وغيره، وكان لها يوم تُوُفِّيَتْ ثمانون أو إحدى وثمانون سنة

10- أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها:
هي هند بنت أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم (24 ق.هـ- 61هـ/598- 680م)، كان أبوها -رضي الله عنها- من أجواد قريش، يُعرف بـ"زاد الركب" لكرمه. وأمُّها هي عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن عبد المطلب، أخوالها لأبيها عبد الله وزهير ابنا عمَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تزوَّجت أمُّ سلمة من ابن عمِّها أبو سلمة رضي الله عنه، وهو عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن مخزوم القرشي، وهو من الصحابة الأجلاء الذين أبلَوْا في الإسلام بلاءً حسنًا، وهو ابن عمَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأُمُّه بَرَّة بنت عبد المطلب، هاجرت السيدة أمُّ سلمة مع زوجها -رضي الله عنهما- إلى الحبشة،وقد شهِد أبو سلمة رضي الله عنه بدرًا، وجُرح بأُحُد جرحًا اندمل ثم انتُقِضَ، فمات منه في جُمَادى الآخرة سنة ثلاث من الهجرة

*الحكمة من زواج النبي بأم سلمة
كان لفتة حانية وتكريمًا رفيعًا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن تزوَّج أمَّ سلمة -رضي الله عنها- فقد غدت بعد وفاة زوجها -المجاهد أبي سلمة- من غير زوج يعيلها، أو أحد يكفلها، رغم ما بذلت هي وزوجها من جهد لهذه الدعوة المباركة، وهي مع ذلك كان لها من الأيتام أربعة، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم هو الزوج لها والكفيل لأبنائها

*وقد تُوُفِّيَتْ أُمُّ المؤمنين أمُّ سلمة -رضي الله عنها- في ولاية يزيد بن معاوية سنة إحدى وستين للهجرة كما ذكر ابن حبان، وقد تجاوزت الرابعة والثمانين من عمرها، وقيل: عُمِّرت تسعين سنة رضي الله عنها

11- جويرية بنت الحارث رضي الله عنها:
هي بَرَّة بنت الحارث بن أبي ضرار بن مالك بن جذيمة (14 ق.هـ- 56هـ/ 608- 676م)، وجذيمة هو المصطلق من خزاعة، تزوَّجها مسافع بن صفوان المصطلقي، فقُتل يوم المُرَيْسِيع(غزوة بني المصطلق). أبوها هو الحارث بن أبي ضرار سيِّد بني المصطلق، وزعيم قومه

*زواجها من النبي صلى الله عليه و سلم:
ولمَّا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة بني المصطلق ومعه جويرية بنت الحارث -وكان بذات الجيش- دفع جويرية إلى رجل من الأنصار وديعةً، وأمره بالاحتفاظ بها، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؛ فأقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار بفداء ابنته، فلمَّا كان أبوها بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء فرغب في بعيرين منها، فغيَّبهما في شِعب من شعاب العقيق، ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: يا محمد، أصبتم ابنتي، وهذا فداؤها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَأَيْنَ الْبَعِيرَانِ اللَّذَانِ غَيَّبْتَهُمَا بِالْعَقِيقِ فِي شِعْبِ كَذَا وَكَذَا؟". فقال الحارث: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأنك محمد رسول الله، فوالله ما اطَّلَع على ذلك إلاَّ الله. فأسلم الحارث وأسلم معه ابنان له وناس من قومه، وأرسل إلى البعيرين فجاء بهما، فدفع الإبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ودُفِعَتْ إليه ابنته جويرية، فأسلمتْ وحَسُن إسلامها؛ فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيها، فزوَّجه إيَّاها، وأصدقها أربعمائة درهم.
غيَّر النبي صلى الله عليه وسلم اسمها من بَرَّة إلى جُوَيْرِيَة، وقد رُوي عنها أنها كانت تُكثر التسبيح، وهو من فضائلها رضي الله عنها؛

*وتُوُفِّيتْ أُمُّ المؤمنين جويرية بنت الحارث -رضي الله عنها- سنة 56 من الهجرة، وهي في السبعين من عمرها، أو في الخامسة والستين، وقد صلَّى عليها مروان بن الحكم، وهو يومئذ والٍ على المدينة، وقد دُفنت في البقيع رضي الله عنها.

وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية - إدارة الدراسات الإسلامية