لقد وقف القلم متحيراً ، ووقف العقل كذلك حائراً ؟ فقلت : وأي حيرة أيها القلم ؟فأجاب القلم قائلاً : أريد أن أكتب فضائل عظمى عن شعيرة من شعائر الله ؟ تهوى القلوب والعقول والجوارح لها و لزيارتها .فقلت : لعل فريضة الحج لبيت الله الحرام .فقال : نعم
فقلت : اعلم أنه لا وصول إلى الله إلا بالتجرد والإخلاص لعبادته ، وأنا في هذه الورقات لا أتكلم عن أركان الحج وفرائضه وسننه ، ولكن أتكلم عن العبر والعظة في هذا الركن العظيم من أركان الإسلام .
فمن ذلك :
1- أن يتذكر الإنسان زاد الآخرة كما يتزود لزاد السفر للحج من المأكل والمشرب وغير ذلك .
قال تعالى (( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ))
2- أن يتذكر الإنسان وقت إحرامه وتجرده من ثيابه إذا لبس المحرم الإحرام ، أن يتذكر وهو يلبس كفنه ، وأنه سيلقى ربه على زي مخالف لزي الدنيا .
3- أن يتذكر وهو وسط الزحام الشديد والملايين من البشر ، أن يتذكر حشر يوم القيامة ، وأن الناس مجموعون لميقات يوم معلوم . قال تعالى : (( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود )) .
(( قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم )). ولذلك قال ربنا عندما تكلم عن مناسك الحج : (( واعلموا أنكم إليه تحشرون )) .
- كذلك فإن أركان وسنن الحج آداباً عظيمة ، حين يمتثل المؤمن بفرائض الله دون تردد أو نقاش ولكن : القبول والاستسلام والخضوع هو عنوان المسلم المستسلم بحق ؟
عنوان المسلم (( سمعنا وأطعنا ))
لا أن يقول (( سمعنا وعصينا ))
سمعنا وأطعنا : في عدد الطواف سبعاً ،ً لا أقول : لماذا سبعاً ولم يكن ثمانية ؟
سمعنا وأطعنا : حين يكون الطواف والكعبة عن يساري ، فلا أقول : لماذا لم تكن الكعبة عن يميني ؟
سمعنا وأطعنا : في الالتزام بالمواقيت وبالأماكن المحددة في موعدها وعدم الانصراف منها
إلا في موعدها المحدد من صاحب الشرع المحكم
فالمؤمن يجعل شريعة الله هي الفيصل وهي الحكم على عقله وهواه ، لا أن يجعل عقله وهواه لا يخضع لحكم الله إلا إذا اقتنع به .
- كذلك أوصيك بالتدبر عندما ترى الملايين من البشر بمختلف اللغات ، ومختلف الألوان والأشكال والشخصيات ، تدبر : كيف يسمع الله هذه الخلائق ؟ كيف يعرف ما انطوت عليه الصدور ؟ كيف يعلم السر وأخفى من قلوب هذه الملايين ؟
- كذلك أوصيك بالإجلال والأدب القويم عند الوقوف أمام النبي ( صلى الله عليه وسلم ) .
- أُخي الكريم : مافي القلب كثير وكثير ، ولكن هذه الورقات أرجو أن تجد في قلبك موعظة وتأثيرا وتأثراً .
- تقبل الله طاعتنا ، وألهمنا رشدنا ، ورزقنا التوفيق والسداد .
آمين ، آمين ، آمين
بقلم الشيخ : قدري عبد الوهاب