لقد شرع الله لعباده العبادات ونوعها لهم ، ليأخذوا من كل نوع منها بنصيب ولئلا يملو من النوع الواحد فيتركوا العمل فيشقى الواحد منهم ويخيب ، وجعل منها فرائض لا يجوز النقص فيها ولا الإخلال ، ومنها نوافل يحصل بها زيادة التقرب إلى الله والإكمال .
فمن ذلك صلاة الليل التي امتدح الله في كتابه القائمين بها ، فقال سبحانه " وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) " وقال سبحانه : " تتجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) "
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل )) رواه مسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم : " أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام )) رواه الترمذي وقال : حسن صحيح صححه الحاكم .
ومن صلاة الليل الوتر ، أقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة ، فيوتر بركعة منفردة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( من أحب أن يوتر بواحدة فليفعل )) رواه أبو داود والنسائي .
ويوتر بثلاث ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( من أحب أن يوتر بثلاث فليفعل )) رواه أبوداود والنسائي .
فإن أحب سردها بسلام واحد ، لما روى الطحاوي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوتر بثلاث ركعات لم يسلم إلا في آخرهن .
وإن أحب صلى ركعتين وسلم ثم صلى الثالثة لما روى البخاري عن عبداالله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يسلم بين الركعتين والركعة في الوتر حتى كان يأمر ببعض حاجته .
ويوتر بخمس فيسردها جميعا ، لا يجلس ولا يسلم إلا في آخرهن ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم )) من أحب أن يوتر بخمس فليفعل )) رواه أبوداود والنسائي .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس ، لا يجلس في شي منهن إلا في آخرهن )) متفق عليه .
ويوتر بسبع فيسردها كالخمس ، لقول أم سلمة رضي الله عنها (( كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع وبخمس لا يفصل بينهن بسلام ولا كلام )) رواه أحمد والنسائي وابن ماجه .
ويوتر بتسع فيسردها ، لا يجلس إلا في الثامنة ، فيقرآ التشهد ويدعو ثم يقوم ولا يسلم فيصلي التاسعة ويتشهد ويدو ويسلم لحديث عائشة رضي الله عنها في وتر رسول الله صلى الله عليه قالت : (( كان يصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا )) الحديث رواه أحمد ومسلم
ويصلي إحدى عشرة ركعة ، فإن أحب سلم من كل ركعتين وأوتر بواحدة لحديث عائشة رضي الله عنها قالت )) كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ما بين أن يقرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة )) الحديث ، رواه الجماعة إلا الترمذي .
وسرد الخمس والسبع والتسع إنما يكون فيما إذا صلى وحده أو بجماعة محصورين اختارو ا ذلك ، أما المساجد العامة فالأولى للإمام أن يسلم في كل ركعتين لئلا يشق على الناس ويربك نياتهم ولأن ذلك أيسر لهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (( أيكم أم الناس فليوجز ، فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة )) وفي لفظ : (( فإذا صلى وحده فليصل كيف يشاء ))
وقيام رمضان شامل للصلاة في أول الليل وآخره وعلى هذا فالتراويح من قيام رمضان فينبغي الحرص عليها والاعتناء بها واحتساب الأجر والثواب من الله تعالى عليها ، وما هي إلا ليال معدودة ينتهزها المؤمن العاقل قبل فواتها .