اعلموا أن للصيام آداباً كثيرة لا يتم إلا بها ولا يكمل إلا بالقيام بها وهي على قسمين وهي
· آداب واجبة لا بد للصائم من مراعاتها والمحافظة عليها .
· آداب مستحبة ينبغي أن يراعيها ويحافظ عليها .
· فـمن الآداب الواجبة أن يقوم الصائم بما أوجب الله تعالى عليه من العبادات القولية والفعلية ، ومن أهمها الصلاة المفروضة التي هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين ، فتجب مراعاتها بالمحافظة عليها والقيام بأركانها وواجباتها وشروطها فيؤديها في وقتها مع الجماعة في المساجد فإن ذلك من التقوى التي من أجلها شرع الصيام وفرض على الأمة ، وإضاعة الصلاة مناف للتقوى وموجب للعقوبة ، ومن الصائمين من يتهاون بصلاة الجماعة مع وجوبها عليه وقد أمر الله تعالى بها في كتابه فقال " وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا " يعني أتموا صلاتهم " لْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ " فأمر الله تعالى بالصلاة مع الجماعة في حال القتال والخوف ففي حال الطمأنينة والأمن أولى .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رجلا أعمى قال : يارسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فرخص له ، فلما ولى دعاه وقال : (( هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم ، قال : (( فأجب )) رواه مسلم ، فلم يرخص له النبي صلى الله عليه وسلم في ترك الجماعة مع أنه رجل أعمى وليس له قائد
· ومن الآداب الواجبة : أ، يجتنب الصائم جميع ما حرم الله ورسوله من الأقوال والأفعال فيجتنب الكذب وهو الإخبار بخلاف الواقع وأعظمه الكذب على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم كأن ينسب إلى الله أو إلى رسوله تحليل حرام أو تحريم حلال بلا علم ، قال تعالى "وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)"
-وكذلك يجتنب الغيبة وهي ذكرك أخاك بما يكره في غيبته ، سواء ذكرته بما يكره في خلقته كالأعرج والأعور والأعمى على سبيل العيب والذم أو بما بكره في خلقه كالأحمق والسفيه والفاسق ونحوه ، وسواء كان فيه ما تقول أم لم يكن لأن النبي صلى الله ليه وسلم سئل عن الغيبة فقال : (( هي ذكرك أخاك بما يكره قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : ( إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته )) رواه مسلم .
-ويجتنب النميمة وهي نقل كلام شخص في شخص إليه ليفسد بينهما وهي من كبائر الذنوب ، قال صلى الله عليه وسلم : (( لا يدخل الجنة نمام )) متفق عليه وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين ، فقال (( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ( أي : في أمر شاق عليهما ) أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة )) والنميمة فساد للفرد والمجتمع وتفريق بين المسلمين وإلقاء للعداوة بينهم .
-ويجتنب الغش في جميع المعاملات من بيع وإجارة وصناعة ورهن وغيرها ، وفي جميع المناصحات والمشورات فإن الغش من كبائر الذنوب وقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فاعله ، فقال صلى الله عليه وسلم (( من غشنا فليس منا )) وفي لفظ (( من غش فليس مني )) رواه مسلم .
-وتجنب المعازف وهي آلات اللهو بجميع أنواعها كالعود والربابة والقانون والكمجة والبيانو والكمان وغيرها ، فإن هذه حرام وتزداد تحريما وإثما إذا اقترنت بالغناء بأصوات جميلة وأغان مثيرة ، قال تعالى " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (6)" وقد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن هذه الآية فقال : (( والله الذي لا إله غيره هو الغناء )) ، وصح أيضا عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وذكره ابن كثير عن جابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد رحمهم الله وقال الحسن رحمه الله نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير .
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من المعازف وقرنها بالزنا ، فقال صلى الله عليه وسلم (( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف )) رواه البخاري .
فالحر : الفرج والمراد به الزنا ، ومعنى يستحلون أي يفعلونها فعل المستحل لها بدون مبالاة وقد وقع هذا في زمننا فكان من الناس من يستعمل هذه المعازف أو يتسمعها كأنها شئ حلال ، وهذا مما نجح في أعداء الإسلام بكيدهم للمسلمين حتى صدوهم عن ذكر الله تعلى ومهام دينهم ودنياهم وأصبح كثير منهم يستمعون إلى ذلك أكثر مما يستمعون إلى قراءة القرآن والاحاديث وكلام أهل العلم المتضمن لبيان أحكام الشريعة وحكمها .
فاحذروا – أيها المسلمون – نواقض الصوم ونواقضه وصونوه عن قول الزور والعمل به ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) .